حاج فرج الله في رحلة البحث عن ولد

أسامة جاب الدين

(1)

تقاطرت الوفود نحو بيت (فرج الله)، ليباركوا له المولود الرابع، الذي كان بنتاً، لم يستطع فرج الله أن يخفى ذلك الضيق الظاهر على وجهه وهو يرد على التهاني، فهو يعتبر أنه لا فائدة من إنجاب البنات، والبنت الأخيرة هذه من المفترض أن تأتي (ولد)، ولولا أن القسمة هي التي تتحكم في مثل هذه الأمور لأتى بهم جميعاً من الذكور!!

انفرد به (حاج عثمان) قائلاً في مرح:

- ألف مبروك البنية يا حاج .. ومالك زهجان كده يا أخوى..؟!!

رمى فرج الله شاله على أقرب كرسي وهو يقول في إحباط:

- الولية جابت تاني بت يا حاج عثمان.. التقول أنا ناقص بنات..!!

ضحك حاج عثمان وهو يربت على كتفه مواسياً يقول:

- القسمة جات كده يا فرج الله .. خلي إيمانك قوي بالله.

- ما عندي اعتراض على القسمة .. لكن داير لي ولد يشيل اسمي بعد أموت.!

هذه المرة ضحك حاج عثمان بصوت عالي قائلاً:

- يعني البت ما بتشيل اسمك ولا شنو؟!.

لوح فرج الله بيده في ضيق وقال:

- البت آ عثمان أخوي بكرة بتعرس ..وبتشيل اسم زوجها .. لكن الولد هو البشيل الاسم..!!

- كدي يا فرج الله استهدى بالله .. وأرضى بالنصيب .. وبعدين انتا بعد تموت يشيلو اسمك وللا يختوهو .. يعني حـ تستفيد شنو وانت في القبر ..!!

- يا حاج عثمان غير شيل الاسم الولد بساعدني .. يمشي معاي الحواشة .. ويسرح لي بالبهم والنعيز..

قاطعه حاج عثمان:

- ايواا .. يا فرج الله .. ما تقول كده من قبيل ياخ .. يعني الولد دايرو يسرح ليك بالبهائم .. ويمشي معاك الحواشة .. هو ذاتو كان عارف كده من بطن أمو ما يطلع..!!

(2)

تفرقت جموع المهنئين وصاروا يخرجون من بيت حاج فرج الله رويداً .. رويداً، حتى خلى المنزل تماماً، ذهب فرج الله نحو غرفة زوجته التي وجدها ترضع في صغيرتها وتهدهدها برفق، جلس بقربها وهو ينظر للبنت نظرات غريبة، تكلمت معه زوجته بغيظ:

- عارفاها البت ما عاجباك .. الله يستر يا فرج الله ما تقوم تعرس فيني؟!!

غمغم فرج الله بكلمات مبهمة وغير مفهومة وهو يتهيأ للخروج، استدركته زوجته قائلة:

- بتطنطن مالك يا راجل .. اتكلم عديل..!؟

أجابها بزهج:

- لكن أربعة بنات .. يوم كده جيبي ليكي ولد يفرحني شوية!!

نهضت مقبولة زوجة فرج الله بإعياء وجلست وسط السرير وقالت بحدة:

- يا راجل استغفر الله .. البنات ديل أنا جبتهم من الخلا..؟؟!

ثم حملت صغيرتها في حجرها وأردفت بغيظ:

- شوف عجايب الرجال كمان .. مخيّر الله..!!

(3)

صاح حاج عثمان في وجه فرج الله بدهشة:

- داير تعرس آ فرج الله؟!!

أجابه فرج بصوت أعلى:

- أيوه .. داير أعرس . .فيها حاجة .. الراجل محلالات ليهو أربعة نسوان!!

- لكن حاجة مقبولة دي ذنبها شنو تعرس فيها؟!

- وليه جنّها بنات!!

- يا زول أتقي الله ..!!

- ياخي العرس ما حرام!

- صاح العرس ما حرام .. لكن هسع العروس الجديدة دي المانع شنو تجيب ليك بت تاني؟!

- الأرضة جرّبت الحجر!!.. بعدين انتا زعلان مالك .. إنتا برضو معرس مرتين!!

- يا فرج الله ياخ ما تلخبط الكيمان .. أنا عرسي ما زي عرسك .. وبعدين عندي ليك فكرة!!

تطلع إليه فرج الله في اهتمام قائلاً:

- فكرة شنو؟!

- إنتا المرّة دي خليها تعدي.. وكان المرة الجاية الولية كانت جابت بت .. عرس طوالي.. زول بسألك مافي.. أها رايك شنو؟!

فكر فرج الله قليلاً ثم قال:

- لكن يا عثمان الضمان شنو تجيب بت تاني؟!

ضحك عثمان ثم قال:

- ياخي الأرضة جربّت الحجر!!

(5)

بعد سنة ونصف…


(6)

في ذلك الديوان الكبير كانت جموع المهنئين يسلمون على حاج فرج الله ويهنئونه بالمولودة الجديدة وهو يرغي ويزبد هائجاً ويخبط كفاً بـ كف ويصيح:

- خمسة بنات آ ناس .. لا حول ولا قوة إلاّ بالله .. الولية دي غير العِكاس ما بتعرف حاجة .. !!؟

أمسكه حاج عثمان وهو يهدئه:

- يا زول قول بسم الله .. الولية ذنبها شنو؟!

هاج فيه بصوت عالي:

- ذنبها شنو كيف؟!.. كل مرّة جايبة لي بت وتقول ذنبها شنو؟!.. علي بالطلاق بالتلاتة في باقي اليوم ده إلا أعرس تلاتة نسوان!!!

(7)

يقال أن الحاج فرج الله وحتى يبّر بطلاقه الغليظ تم عقد قرانه في ذلك اليوم على ثلاثة نساء دفعة واحدة، بعد عام زوجته الثانية أنجبت له بنتاً، فـ طلقها على الفور، بعد شهر واحد أبلغوه أن زوجته الثالثة أنجبت بنتاً فألحقها بالثانية، بعد شهرين رأي أن بروز بطن زوجته الرابعة أكبر من اللازم، طلقها بعد أن سمع نسوان الحلة تنبأن بأن من سيأتي توأمان من المرجح أن يكونا طفلتين،وحتى يقطع الشك باليقين؛ طلقها، وببقية زهجته طلق معها زوجته الأولى بعد أن اكتشف أن عدد بناته صار أكثر من دستة.. لم يفقد الأمل، فـ تزوج بـ أربعة نساء أخريات، وصار يعدّ لهم الأيام .. ولا زال ينتظر … الولد!!