الأدب الشعبى في السودان

عز الدين أحمد حسن سليني

مقدمة

لقد تحدث الكثيرون فى مفهوم الأدب الشعبى ، وصنعوا له قواعد وأساليب وحللوا دقائقه وتفاصيله ووضعوا فى ذلك المؤلفات كبيرها وصغيرها ،واهتموا ايما اهتمام بالوقوف على حقيقة قاطعة حاسمة تتعلق بمفهوم الأدب الشعبى وشحذوا جميعاً قرائحهم وشارك كل بآرائه وافكاره فى هذا المضمار . وهم وان اختلفوا فى شأن من شئون الأدب الشعبى إلا انهم اتفقوا على ان هذا الأدب الشعبى هو دون شك يعتبر اللبنة الأساسية لأدب أى مجموعة أو أمة من الأمم .. وهو فى الوقت نفسه الدعامة الصادقة التى تنم عن أصالة الشعوب فى أى زمان وفى اى مكان .. وتسع بطبيعة الحال آفاق هذه المشاركة السيكلوجية والفكرية عند الشعوب حين يشمل حديثنا الفن الشعبى الذى يعتبر الأدب الشعبى فرعاً من فروعه . إذا اننا فى هذه الحالة سنجد مجالنا يحتوى على فنون الرقص والرسم والنحت ، والغناء والموسيقى ، والحرف اليدوية ، وغيرها من الفنون التى تمارسها الجماعات البشرية فى مختلف بقاع العالم من أن أخذت تعيش على أرضيها أنى ارتعها ميداناً لنشاطها الاجتماعى . وتظهر فى حدودها وأشكالها المتنوعة بدائية كانت أم متطورة . كل هذه المعالم الفنية تصل إلينا فى تعبير تلقائى يعكس لنا أحاسيس الفنانين الشعبيين فى دفه ونقاء وفى رحابه وجدان عميق القرار فإذا بنا أمام سجل حافل بتراث الشعوب نعثر فى طياته على أدق حقيقة تتصل بالشعب فى جميع مرافقها وسماتها المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بكيان الأمم . لذلك فليس غريباً أن زاد اهتمام المعنيين بهذا الفن . وليس غريباً ان ترصد له الجهود الجهيدة لأن الامر يتعلق أولاً وأخيراً بشخصية شعوبهم المنبثقة من هذا التعبير العميق الذى تشرب التقاليد والعادات وجميع أوجه التصرفات البشرية تشرباً لا تشوبه شائبة أو يعتريه تكلف ، أو رياء أو خداع فنى يعتمد فيه الفنان على الحذقة الفنية الخلابة . ومن ثم فإن عنايتنا بشاعر كالحاردلو مثلا إنما ترجع فى جوهرها إلى أن الحاردلو شاعرنا الشعبى قد اصبح بالنسبة لشعبنا رمزاً صميماً لأصالة شخصيتنا فى أروع معانيها ، وعمق بساطنها وصفاء سجيتها وروعة مكانتها . ويدخل فى ذلك كل فرع من فروع أدبنا الشعبى كان له الفضل فى تصوير كياننا الاجتماعى فى اخلاص وصدق ، خصوصاً ما كان له السبق فى تعبيد الطريق السليم للأجيال التى تلت والأجيال القادمة ، والذى أحياء صفحات حياتنا بالمشاعل المشرقة التى دعمت معنوياتنا ، وشدت له ازر شعوبنا فى ظروف الضائقات والملمات فإذا به قوة هائلة . تهشم الظلم والطغيان ، وتعمل فى ثقة ويقين لخدمة العدالة والأسبانية وقضية الحرية والسلام . لذا فمن الواضح الجلى أننا نهتم بدراسة ادبنا الشعبى لأننا نكتشف فيه ذاتنا الأصيلة بلا مراء أو التواء ولأننا نرى فيه نقطة البدء لتاريخنا وتراثنا البشرى . فهو اذن صورة حية نابضة بكل ما يمت إلينا من قريب أو من بعيد .

وليس هذا فى الواقع أول باكورة تقدم بها مؤلفنا الكريم لقراء العربية إذ أنه كان من الرواد الذين سبرواغور أدبنا الشعبى عندما قدم لنا أول عمل له فى كتابه الأول " من روائع أدبنا الشعبى" الذى كان له أثر ملموس بين المثقفين ، وفى الدوائر الأدبية ، بل يمكننا أن نعتبره الآن واحداً من المراجع التى لابد من النظر فيها عندما نرتاد ميدان فننا الشعبى .

وإن قيل أن كتاب "الروائع" كان بمثابة دراسة تمهيدية لهذا الأدب فإن كتاب " الأدب الشعبى فى السودان" الذى وضعه المؤلف بين أيدينا هذه المرة يستطيع أن يقف كعمل ادبى يستحق منا كل تقدير وإعجاب . إذا اعتمد فيه كاتبه على الدراسة المنهجية المنسقة ، وعلى التحليل اكثر منه على العرض ، وعلى التجربة الفنية المتسعة الآفاق أكثر منه على مجرد الفهم العرضى .

فوجدناه مثلاً يقيم الحجة بالدليل القاطع ، ولا يقتصر على ذلك بل يذهب بعيداً فيعيد المقارنات بين جوانب هذا الفن فى داخل السودان وفى خارجة من بلاد العالم العربى فى حصافه ودقه ورجاحه ولباقه ، وعمل ذوق فنى ملموس .

فهو بعد ما ناقش مفهوم الأدب الشعبى ، وتحدث فى أهمية دراسته وعلاقته الوثيقة بتقاليدنا وعادتنا سوداننا العربى ، واخذ المؤلف فى تصنيف لهذا الأدب الرائع فإذا به يتناول لنا خاصية الدوبيت عندنا وبين سماته العربية الصميمة ، ويناقش فى وعى شكله الفنى ودقائق تكنيته المرتبطة باضراب هذا النسق الشعرى فى بلاد العروبة ، وهو وإن لم يطل الحديث فى هذا الأمر إلا أن الومضات التى أشرقت بها سطوره قد فتحت معالم هامة بالنسبة " للدوبيت " خصوصاً إذا أضفناها إلى بقية ما اتحفنا به من الفوا فى أدبنا الشعبى إذ فسروا ما يقترن به من حقائق من أعضاء الندوة الأدبية بام درمان وكما فعل الدكتور عبد المجيد عابدين الأستاذ المبارك إبراهيم عندما تناولا شعر الحاردلو بالتفسير والتوضيح . وتطرق مؤلفنا فى هذا الكتاب القيم إلى أغانينا وأهازيجنا الشعبية ووضع يده على نبضات فنية قيمة تنبثق من حنايا شكلها ومضمونها . فعشنا معه فى متعة ذهنية ونفسية ونحن نقرأ له هذا الباب القيم .

إلى جانب رائع هام فى ادبنا الشعبى حين اماط اللثام عن اساطيرنا الشعبية التى تعدها من أهم ذخائرنا ، ونفائس تراثنا المتدفق من أعماق اصالتنا الضاربة فى إغوار الماضى ، والممتدة عبر الزمن حتى حاضرنا الذى نعيشه . ومن المعروف لدينا أهمية هذه الأساطير ، وعلاقاتها المتينة بحياة أى شعب من الشعوب ، وقد تأكدت اصالتها منذ زمان بعيد حيث كان لها أخطر الأثر فى بلاد اليونان ، ومنذ ذلك الحين اخذت تلعب دورها كعامل رئيسى فى الأدب والفنون وحياة المجتمعات ، وتذكى قرائح الكتاب والشعراء ، فإذا بها رموز لها دلالتها بالخير والشر والحب والعدالة والسلام والحكمة ، وغير ذلك من الصفات التى تهيمن على كياننا البشرى "كمارز" إله الحرب " ونبتيور" إله البحر " ديانا " إلهة العزارى " وفينوس " إلهة الجمال " وسيريف " رمز الصراع والعذاب وزيوس كبير الآلهة وغيرهم كثير . وهاهى معالم هذه الآلهة تؤثر فينا نحن الذين لم نعيش فى بلاد اليونان لأنها تمثل مفاهيم ومضامين عن الحياة البشرية فى كل جانب من جوانبها فى دقة وفلسفة ودراية . ونحاول من خلالها أن نكشف مغاليق المجهول ، وشأننا فى ذلك بطبيعة الحال هو الشأن نفسه عندما نمعن النظر فى أساطيرنا الشعبية التى كان لها المجال الصميم فى تكوين حياتنا الاجتماعية السودانية . بل تزيد اهميتنا أكثر وأكثر عندما نعلم ان هذه الأساطير إنما هى نواة جديرة بكل رعاية وجهد منا لأنها واحدة من دعائمنا الصميمة .

وللأمثال فى كتاب " الأدب الشعبى فى السودان " مجال لا يستهان به إذ بين المؤلف أهميتها فى واقع حياتنا وما تترى به من حكمة تولد مع الصراع الدائم بين الأفراد فى مجتمعنا ، وبين الظروف المختلفة التى اكتنفت حياتهم ، هذا إلى ما أوضحه مؤلف الكتاب من أصالة عربية فى هذه الأمثال ، أكان ذلك فى موضوعاتها أو طابعها العام عندما عقد بعض ملامح من المقارنة . وبين الأمثال فى بلاد العروبة أثناء تحليله لجوهرها .

ويشاء طموح الكاتب أن يدفعه إلى فتح باب الدراسة فى ملامحنا الشعبية ، وكان أملنا أن يتوسع أكثر من ذلك فى هذا الجانب ، ولا يكتفى بمجرد ذكر الأمثلة على ضوء المثال . لأن ملامحنا الشعبية تحتاج إلى مدى فسيح من البحث والتنقيب فملحمه تاجوج ، وودالنمير ،" واللبخ" وفاطمة السمحة ، كلها بوتقات حافلة بعالم درامى يتفجر بالصدق والفن ، ونستطيع أن نقرأ فيه وقائع ممتازة تصور لنا انفعالات مجتمعنا فى أفراحه واتراحه ، فى جموده وانطلاقاته ، وفى أعمق معانى التضحية والشهامة العربية . وفى نهاية المطاف يحدثك كتاب " الأدب الشعبى فى السودان " ، عن ضرورة العناية بأدبنا الشعبى ، ويخطط المؤلف الاقتراحات التى يراها مجدية للنهوض بهذا التراث السودانى الرائع .. ونحن من جانبنا نؤيد المؤلف فى هذه النزعة البناءة المتوثبة ، بل نعتقد أن الرعاية والعناية بهذا التراث الاصيل يجب أن تتعمق جذورها ، وينبغى أن تقوى شكيمتها وتتدعم إمكانياتها وطاقاتها وملكاتها الثقافية والفنية والمالية ، بل لا نكون مغالين إن وجهنا الاهتمام إلى إنشاء إدارة بعينها لترعى وتحرس هذا الفن الشعبى من الضياع ، وتسعى فى أدب متواصل لجمعه ودراسته على نهج علمى يتسم باتساع الثقافة والتجربة وأصالة البحث ، وواجبنا الثقافى بل الوطنى الكبير يحتم علينا أن نقدم على هذا العمل الجبار بإحساس عظيم بالمسئولية التى تحدونا لاكتشاف كوامن حقيقتنا ، وتعريف العالم الخارجى بهذه الشخصية من خلال تعاوننا الصادق فى دنيا الفنون الشعبية . ونحن واثقون بأن جهودنا المتواصلة ستصل بنا إلى الهدف المنشود ، وتحقق لنا نجاحات رائعة طال الطريق أم قصر .

تمهيد

أضع بين يديك أيها القارئ العزيز كتابى الثانى " الأدب الشعبى فى السودان " وآمل أن يحظى بإعجابك ، فهو محاولة متواضعة اردت بها احياء تراثنا الشعبى ولقد نزعت إلى الناحية التحليلية حتى اعطى القارئ فكرة عامة عن اصالة تراثنا الشعبى ، وتحريت الدقة فى اختيار النماذج الشعبية التى تعبر عن واقعنا تعبيراً صادقاً . هذا وسيكون الجزء الثانى من لكتاب " روائع أدبنا الشعبى " حافلاً بالنماذج الشعبية من أشعار وحكاوى وملاحم بطولية تعكس حياة الشعب السودانى وأمانيه .

وقد حاولت بقدر الإمكان ان أبرز الطابع القومى السودانى ، فقد حان الوقت الذى نتحسس فيه أنفسنا ، وننبش تراث الأجداد . على أننا لا نتخذ من تراثنا فكرة عنصرية ؛ فالدعوة إلى القويمة السوادنية انما هى تدعيم للعروبة ، بل أن دراسة تراثنا الشعبى تكشف لنا العناصر المشتركة كالتاريخ واللهجات والمعتقدات التى تربطنا بالبلاد العربية الشقيقة . وإذا وضعنا فى اعتبارنا نزوع الإنسانية إلى العالمية ، فاذن كان من واجبنا ان نمهد لهذا المبدأ الإنسانى السامى بنشر الآداب الشعبية العالمية ، وترجمة حكايات الشعوب وقصصهم الشعبية ، وامثالهم وفنونهم الشعبية فالثقافة ملك للجميع ، ومن حق كل إنسان ان يتمتع بما أنتجته القرائح الإنسانية .

ولا يسعنى فى هذا المجال إلا أن أشكر السيد محمد الحسن عثمان عبد الكريم الكاملابى الذى حمل على عاتقة إحياء التراث فقد قام بتسهيلات جمة فى طبع هذا الكتاب .

كما اشكر السيد الزميل طه خالد حاكم على موقفه الإنسانى المشرف بشأن المساعدات التى بذلها فى سخاء والتى عجلت فى نشر هذا الكتاب .


لماذا ندرس تراثنا الشعبى ؟

إن مجتمعنا السودانى يعد مخزنا للعادات والقيم الأصيلة، فموقعه فى نصف القارة الأفريقية أكسبه عناصر حضارية لها خطرها فى تكوينه السياسى والاجتماعى والفنى، فالسودان بلد أفريقى عريق يتمتع بالسمات الأفريقية الصميمة، والسودان بلد عربى فى ثقافته وفى تكوينه الجغرافى والتاريخى.

ولا شك فى تراثنا الشعبى يقوى القومية السودانية، فهو تعبير صادق عن أحاسيسنا ومشاعرنا، فما أصدق الشاعر الشعبى فى وصف بيئتنا..! هذا ما دفع الناقد السودانى حمزة الملك طمبل أن يثور فى وجه الشعراء الذين يلوكون ألفاظا محنطة لا تعبر عن الطبيعة فى السودان- يقول الناقد " نريد أن يكون لنا كيان أدبى عظيم، نريد أن يقال عندما يقرأ شعرنا من هم فى خارج السودان أن ناحية التفكير فى هذه القصيدة تدل على أنها لشاعر سودانى، هذا المنظر الطبيعى الجليل موجود فى السودان، هذا الجمال هو جمال نساء السودان، نبات هذه الروضة أو هذه الغابة ينمو فى السودان".

أو عندما يدعو الأديب السودانى الأستاذ محمد أحمد محجوب إلى بعث القومية السودانية " لنحى أدبنا القومى ونثير شعورنا بوطنيتنا لنصل إلى حركة سياسية تحقق استقلالنا سياسيا واجتماعيا وفكريا".

فالتراث الشعبى إذن يحث على الترابط القومى بتوحيد المشاعر الوطنية ، فنحن إذا أردنا أن نحى الأدب السودانى أول شئ نلجأ إليه تراثنا الشعبى، ثم إن تقدم العلوم الاجتماعية فى بلادنا جعلنا ننقب عن تراث الأجداد دراسة الشعب أصبحت مادة هامة للباحث الاجتماعى.
فنحن نمجد تراثنا الشعبى لأنه يدعم قوميتنا السودانية ولأنه يعمل على حل المشاكل اللغوية، ويعمل أيضا على تخليد المقاييس الجمالية والخلقية الأصلية.

أن العلماء الذين كان لهم الفضل فى وضع أسس علم الفولكلور أمثال يعقوب وويلهيلم جريم كان الدافع لهم حب الوطن، وأنهما يؤديان واجبا وطنيا إذ يجمعان مأثورات الشعب الألمانى، ويظهر أن عراقة ذلك الشعب وجمال أقواله.

أذن أن هذا العلم نشأ نتيجة الشعور الوطنى وتمجيد القومية كما أسلفنا من قبل، كما أن دراسة التراث الشعبى تمكننا من كشف العناصر المشتركة فى حياة الأمم كاللغة والدين والعادات والتقاليد التى تكمن فى حياة الشعوب كمون النار فى الصخرة الصماء.
وفى الواقع أن عدم الالتفات إلى التراث الشعبى فى الماضى بصفة عامة يرجع إلى عاملين أساسيين، عامل نفسى، وعامل تاريخى.

العامل النفسى: درج معظم علماء اللغة والآداب العربية منذ قديم الزمان على الاعتناء بالادب العربى الرسمى، واهملوا أن عمد التراث الشعبى العربى، فالكتاب يفنى عمره فى تحقيق قصيده، أو خطبة بينما لا يلتفت إلى دراسة التراث الشعبى، وذلك ربما لأن الأدب الشعبى يقوم بتلقينه غالبا العوام فى المقاهى وليالى السمر والعجايز فى القرى والمدن، بينما الأدب الفصيح يدرس فى المدارس الرسمية والجامعات وله اساتذه متخصصون يتمتعون بالوقار والاحترام، فالادب الشعبى إذن كان ينظر إليه نظرة استجهان لأنه يلتصق بحياة العوام، فهو مشوب بالخيال والخرافات والأوهام فاتجهوا إلى دراسة الأدب الرسمى دراسة تحليلية علمية.

العامل التاريخى: لقد وجدنا أن معظم الكتب التى عينت بالدراسات العربية فى الماضى كانت تنظر على دراسة الأدب الشعبى نظرة استهجان.
وفى الواقع أن دراسة الأدب الشعبى فى هذا العصر بالذات ارتبطت بظواهر اجتماعية حتمية ربما لم توجد فى الماضى، فالاهتمام بعلم الفولكلور يرجع إلى تقدم العلوم الاجتماعية حيث أصبحت دراسة الشعب لازمة.

لقد كان علم الفولكلور يتعلق بحياة الانسان البدائى، عرف الفريونت" الفولكلور بأنه "انثروبولجى" يتعلق بالانسان البدائى أما "هارت لاند" فقد رأى أن الفولكلور انثروبولوجى يتعلق بالظواهر النفسية للانسان غير المتحضرى وفى سنة 1890 م ظهر أول مختصر للفولكلور وفى مقدمته تحدد الفولكلور بانه دراسة بقايا أو متخلفات الماضى الذى لم يدون" وقال رايت فى خطابه الافتتاحى فى جمعية الفولكلور الانجليزية: ليست الحكايات الشعبية فقط هى الأشياء التى انتقلت الينا عن طريق التراث الشعبى ، فمن واجبنا أيضا أن ندرس التقاليد والألعاب، والرقص، وانماط المنازل، والقرى، وندرس أيضا الأدوات المنزلية. وأنا لا استطيع أن أتصور نهضة لأدبنا السودانى ما لم ترتكز أولا على تراثنا الشعبى لأن الكاتب غالبا ما يستمد اصالة انتاجه من تاريخ قومه، كما أن المنطق يدعونا لدراسة الجذور قبل الفروع. فالتراث الشعبى هو الأصل للاتجاهات الأدبية المعاصرة، والظواهر الاجتماعية التى تؤثر فى سلوك الفرد.
والمعروف أن أدبنا السودانى أول ما بدأ بالاساطير، والملاحم، والأمثال والحكم الشعبية، ثم تطور إلى أدب مدائح وتصوف، فالاتجاه التقليدى "الكلاسيكى" ثم الاتجاه الرومانس ، فالاتجاه الواقعى.