{ يمه.. ليس من اللباقة ان يقول الكبيرـ يمة؟؟ أهكذا يقولون لكني أنا أقول غيرها فاللباقة هي مراعاة للناس ـ والناس ماتوا يوم موتك..
{ يمه.. قلتها وأنا طفل.. وأنا صبي وأنا شاب وأنا شيخ.. ولا استبدلها أبداً أبداً.. أبداً لأنها تشير إليك.
{ يمه.. يوم انسكب للناس يهاجرون ويغتربون أبيت الهجرة.. لأن حياتي هي أن أصحبك وأن أراك في المساء جالسة وسط الحوش.. بساق ممدودة.. والمسبحة في الأصابع.. والثوب المكرفس إلى جانب المخدة.. أنظر إليك وأشعر أن الوجود موجود.
{ يمه.. سرقتك من إخواني وانفردت بك.. فكل واحد منهم اتخذ بيتاً وأسرة وانفرد.. وبقيت أنا معك لأنني وبحساب محسوب كنت أعرف ما سوف يحدث.
{ وما سوف يحدث هو أنهم سيعودون إليك.. وإلى حوشك.. وبالفعل.. من اتسع الحوش له عاد بأبنائه إليك.
{ يمه ـ يوم ثقل سمعك قبل عامين أصبح الأنس في البيت لا طعم له.. لأن أنساً لا تشتركين فيه ليس أنساً
{ يمه ـ حين أنطلق عائداً إلى البيت آخر اليوم أقود بسرعة مجنونة لأنني أريد أن أصل إليك قبل أن تنامي
{ يمه.. حين نصاب بالألم كنا نلتفت وننظر.. فإن كان ألمًا لا يصل إليك فهو إذن ليس ألماً.. ويموت في نفوسنا..
{ وحين نصاب بالفرح كنا نلتفت إليك فإن كان فرحاً لا يصل إليك فهو إذن ليس فرحًا ـ ويموت في نفوسنا.
{ يمه.. مما يسرني من القرآن قول الله سبحانه «ألحقنا بهم ذرياتهم»
قال «ذرياتهم» بالذات لأن الله سبحانه يعرف ما في الأكباد.
{ يمه.. حين يُدخلك الله الجنة ـ فقولي.. يا رب إن إسحق كان يحبني فالحقه بي.. وسوف يخرجني الله من النار ويُلحقني بك..
{ وأهل الجنة سوف يضحكون من هذا الشيخ المجنون الذي يجري وينقز في دروب الجنة ويصرخ ـ يمه ـ يمه
{ ثم ما يسرُّني يومئذٍ ليس هو اللقاء.. ما يسرُّني يومئذٍ هو أنه لا فراق بعدها أبداً أبداً.
{ يمه ـ فما كان يتابعني مثل أنفاس ولا أنساه لحظة هو أن الموت يقترب.. يقترب
{ وحين أصبت بالجزع قلت يوماً
: اللهم اجعل مماتي قبل مماتها.
{ لكن شيئاً يقول: ما فعلت شيئاً غير أنك نقلت الألم من كبدك إلى كبدها.
- يمه.. نسعى وراء الفقه منذ خمسين سنة .. لكن من علمنا ركعتي الضحى هو أنت.
{ الركعات .. والمدة الخفية.
{ يمه ـ أيام الشدة والنزوح في الثمانينيات وحين أخذت بعض أسر النازحين تصل إلى شوارع العيلفون كنت في كل ليلة تجعلين «شيئاً» تحت ذراعك وترخين عليه الثوب.. وتخرجين.
{ تطعمين الأسر حتى أصبح أطفالهم يهرعون إليك حين تقتربين من بعيد.
{ و«المدة» عندك عادة .. فما من شيء يصل إليك إلا وقلت.. دي لي فلانة.. ودي لي ناس فلان... و...
{ يمه ـ في أسبوعك الأخير تحت المرض والنوم حين يتمتم لسانك كان حديثك هو
: آية.. عشيتوها؟ حذيفة ما ينوم عريان.. ومصعب مرق جيبوه
وآية وحذيفة ومصعب هم أطفال البيت
{ يمه ـ لسنوات انقطعت عن صلاة الجماعة في المسجد لأن الجماعة عندنا أصبحت هي أن أصلي معك
{ فقه لا يجيزه العلماء لكنه شيء تصفق له سماوات المحبة
{ يمه ـ ألومك ـ ألومك ـ واسمك السارة فقد كنت سارة عشرين ـ خمسين ـ مائة سنة ـ ثم جاءت لحظة ذهابك بضربة لا يبقى معها في الوجود سرور لا سابقاً ولا لاحقاً..
{ يمه ـ مازلت أجعل قلبي تحت قشرة أبو القدح ـ أرفض أن أصدق أنك مت وسوف أكسر القشرة هذه عند لحظة معينة ـ هي لحظة احتضاري أنا ـ عندها أعترف بأنك مت.. لأن الاعتراف هذا في اللحظة تلك يصبح بشرى باللقاء ـ بدلاً من أن يكون بشرى بالفراق.
{ يمه ـ ما بقي من عمري هو انتظار خلف الباب ـ بابك ـ انتظر حتى يفتح لي.
{ يمه ـ يمه