قصة الإسلام
- إريتريا وإسرائيل:

طوال الفترة من مطلع التسعينيات من القرن الماضي, ومرورًا بذروة الأزمة عام 2003م وحتى الآن, ظلت وتيرة العداء الإريتري لوحدة السودان مستمرة، ما إن يطوي السودان ملفًا حتى يبادر النظام الإريتري إلى فتح ملف جديد.



وعلى الرغم من المحاولات التي قامت بها الخرطوم لإصلاح العلاقات مع نظام أسمرة, إلا أن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل، ويعود ذلك إلى التنسيق الإسرائيلي الإريتري الذي يسعى إلى جر السودان باستمرار إلى الأزمة.



تتهم الحكومة السودانية إريتريا بشكل أساسي بأنها تدعم مقاتلي دارفور, في الوقت الذي تنفي فيه أسمرة ذلك، وإن كان من الواضح لأي مراقب أن نظام‏ أسياس أفورقي -الذي أصبح معزولاً بشكل كبير- يلعب دورًا واضحًا في غرب السودان, من خلال توفيره الدعم لهذه الفصائل, وعمله أيضًا كحلقة وصل بين بعض هذه الحركات وإسرائيل.


وهناك واقعة محددة في هذا المجال يجب أن تحظى بالاهتمام، ولكي تدق جرس الخطر المبكر, حيث أعلن سبعة من أعضاء المكتب السياسي للتحالف الفيدرالي السوداني انشقاقهم عن الحزب؛ احتجاجًا على مشاركه شريف حرير نائب رئيس الحزب في لقاءات عُقدت بترتيب إريتري، وجمعت بين مجموعة من مسلحي دارفور ومسئولين إسرائيليين, وهو اللقاء الذي استضافته إحدى السفارات الإسرائيلية في إحدى دول غرب إفريقيا‏.‏



وكشف الصادق هارون المتحدث باسم المجموعة المنشقة عن أن اللقاء خلص إلى حصول جيش تحرير دارفور على بعض التمويل, الذي تلتزم به إسرائيل عبر الحكومة الإريترية‏.‏


وإلى جانب الدور الإريتري هناك أيضًا الدور التشادي، بسبب التداخل القبلي لسكان دارفور مع قبائل توجد بتشاد, وكذا انتماء الرئيس التشادي إدريس ديبي لذات القبائل السودانية التشادية التي ينتمي إليها قطاع كبير من المتمردين، وعلى الرغم من أن تشاد كانت هي الوسيط بين المتمردين والحكومة السودانية, إلا أنها لم تلتزم بالوساطة، وظلت تلعب أدوارًا أخرى من خلف الستار.



وقد وضع نزاع دارفور الاتحاد الإفريقي في اختبار حقيقي لقياس قدرته على حل المشكلة، والتوسط بين مختلف الأطراف، وقطع الطريق أمام التدخل الغربي، لكي لا يتردّد يومًا: "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض"، خصوصًا وأن الاتحاد هو الأكثر فهمًا لخلفيات المشكلة وتفاصيلها التي لا تنفصل عن عموم مشكلات القارة الإفريقية، لذا سجل الاتحاد حضورًا مؤثرًا طيلة مراحل التفاوض الأولى حول وقف إطلاق النار وتعهده بمراقبته من خلال الوساطة التشادية.

- الدور اليهودي:

في تقرير بوكالة "جويش تلغراف" بتاريخ 8-7-2004م, وتحت عنوان: "السودان يصبح موضوعًا يهوديًّا"، كتب الكاتب اليهودي "بيتر أيغروس" ليقرر أن الجماعات اليهودية ضاعفت جهدها خلال الأسابيع الأخيرة؛ لإيقاف قتل عشرات الآلاف من المسلمين السود في السودان، ويستطرد قائلاً: وعلى الرغم من أن معظم التمويل اليهودي يركز على المسائل اليهودية مثل: دعم إسرائيل, ودعم ضحايا الإرهاب من الإسرائيليين, وتوفير حاجات المجتمعات اليهودية، إلا أن "إيلي وايزل" الحائز على جائزة نوبل والذي ظل لسنوات يحاول وضع العنف في السودان في واجهة الأجندة الجماهيرية, يقرر أنه لا مانع من التركيز على مشاكل الآخرين، ويوافقه الرأي -يستطرد الكاتب- "ريث ميسنجر" رئيس الخدمات العالمية لليهود.



وقال الكاتب: إن المجلس اليهودي بواشنطن استضاف حملة لرفض عمليات القتل في السودان، وفي الرابع والعشرين من يونيو 2004م جمّد متحف الهولوكوست الأمريكي كل أنشطته لمدة نصف ساعة للفت الانتباه لما يجري في السودان، وأن (45) جماعة يهودية تضم كل الطيف السياسي والديني وضعت صندوقًا بريديًّا خاصًا؛ لجمع التبرعات للمتضررين من هجمات العرب المدعومين من الحكومة أطلق عليه اسم "صندوق التحالف اليهودي لإغاثة السودان".


كما أعلن الكيان الصهيوني مؤخرًا أنه على استعداد لاستيعاب لاجئي إقليم دارفور السوداني، مرددًا نغمته التي ملَّتها الآذان: "إن شعبًا عانى الهولوكست لا يمكن أن يطرد شعبًا يتعرض للإبادة الجماعية", مدعيًا أنهم معرضون لمذابح تشبه مذابح اليهود على يد النازي في الحرب العالمية الثانية..



وعلى الفور تحرك 63 نائبًا في الكنيست، وهم يشكلون غالبية ساحقة (من مجموع 120 نائبًا)، لدى رئيس الوزراء إيهود أولمرت، مطالبين إياه باستيعاب اللاجئين السودانيين في إسرائيل، وبتحليل تلك المعلومات, فإن لغة الخداع التي يجيدها الاحتلال دائمًا, تدعي هذه المرة أنه ليس هناك سبب وراء هذا الترحيب بأهالي دارفور سوى الدافع الإنساني، أما الأسباب الحقيقية فقد كشفتها تقديرات الخبراء والمراقبين للشأن السوداني، أن الترحيب بلاجئي دارفور مكيدة إسرائيلية.



حيث إن انفصال الجنوب قادم بعد سنوات قليلة, كما أن مخطط فصل دارفور لا يزال مستمرًا، ولهذا فإن إسرائيل تسعى لإيجاد موطئ قدم لها في قضية دارفور بحجة أن لديها لاجئين، بعد أن نجحت في اختراق إثيوبيا، لكن السودان أرض المستقبل والموارد الطبيعية، المعادن خاصة البترول، المياه، الأرض الخصبة، تستعصي عليهم؛ لذلك بدءوا محاولات تقسيم السودان منذ زمن بعيد، وبالإضافة إلى ضمان الكيان الصهيوني الحصول على المياه الصالحة للاستخدام والبترول بسيطرته على الإقليم، سوف يسهل ذلك له أيضًا تأمين جبهة مصر في صراعه مع العرب.


وهنا نجد أن إسرائيل قامت باصطياد عصفورين بحجر واحد، فسعت من خلال ترحيبها بهؤلاء اللاجئين إلى تشويه سمعة مصر بجانب التشويه المسبق لسمعة السودان, من خلال تصويرها ما يحدث بالإقليم بالمحرقة، مما يدفع سكانه للهرب منه والارتماء في أحضانها، أما بالنسبة لمصر، فقد كانت هذه القضية موضوعًا للإثارة والصخب الإعلامي في الفترة الماضية خصوصًا من جانب إسرائيل التي عمدت إلى تضخيم الموقف والإيهام -عبر أفلام مفبركة- بأن مصر أساءت التعامل مع المتسللين السودانيين‏.


واستغلال هؤلاء اللاجئين لتشغيلهم بأقل الأجور بدلاً من العمالة الفلسطينية‏,‏ والأخطر من كل ذلك أن هناك عمليات استخباراتية لتجنيد بعض هؤلاء اللاجئين للعمل كجواسيس لدى الموساد الإسرائيلي‏، والملاحظ أن غالبية سكان دارفور مسلمون.



فكيف يرفضون عودة الفلسطينيين إلى موطنهم, خشية اختلال التوازن الديموجرافي لصالح المسلمين ويأتون بمسلمي دارفور, وتوفير إقامة لهم, وعرض أمر منحهم جنسية الكيان على البرلمان الصهيوني "الكنيست" ..



بالتأكيد لا يوجد إلا رد واحد .. هو الرغبة في تهويد مسلمي دارفور، بإغرائهم بكل الوسائل والإمكانيات التي قد يزعمون تقديمها لهم، وفي النهاية يصب السعي لتهويد مسلمي دارفور ومنحهم الجنسية أو استخدامهم كعملاء في مصلحة إسرائيل.


- محاولات التنصير:

كما تعرض سكان الإقليم المسلمين منذ فترات بعيدة لحملات تنصير وبعد حدوث مشكلة دارفور، عام 1993م، وجدت المنظمات التنصيرية تربة خصبة لتنمية حملاتها هناك، وهو الأمر الذي حذر منه دعاة سودانيون، حيث قامت هذه المنظمات تحت غطاء الإغاثة وبحماية المنظمات الدولية العاملة، بجهود كبيرة لتنصير اللاجئين من أهالي الإقليم الذين يستوطنون في مخيمات خارج المدن بعد خروجهم منها بسبب هجمات المتمرّدين، تلك المنظمات تستخدم الإغراء المادي في إتمام أهدافها مثل: توظيف اللاجئين, أو مدّهم بكميات كبيرة من المواد الغذائية, بجانب توفير المأوى والملبس لهم.


كما تقوم هذه المنظمات بتوزيع كتب التنصير على المواطنين هناك؛ لإبعادهم عن الدين الإسلامي, فالخطر الحقيقي ليس في التدخل الخارجي بالسلاح, ولكن في تنصير مواطني دارفور، الذين عُرفوا بحبهم للقرآن وكتابتهم للمصحف الشريف.