الحكومة .. البحث عن حلول «ذهبية» في سهول البطانة Goldbars1200200
هاشم عبد الفتاح
عشرات الآلاف من الذين ضاقت بهم سبل الحياة وأرهقتهم مسيرة البحث عن وظيفة أو عمل يواجهون به ظروفهم المعيشية ومطالبهم الذاتية فوجدوا ضالتهم في ممارسة النشاط التعديني الأهلي أو العشوائي والذي هذبته الحكومة وعدلته بمصطلح آخر بمسمى «التعدين التقليدي» حيث تنتظم عددٌ من ولايات السودان حركة نشطة

واهتمامًا متعاظمًا وهجرة مستمرة من المواطنين لممارسة هذا النوع من النشاط التعديني بحكم أنه يدر أموالاً كبيرة وفي أوقات وجيزة دون أتعاب أو مخاطر مالية قياسًا على مهن أخرى فالحكاوي والقصص التي رواها أثرياء الذهب وكيف أنهم تخطوا حواجز الفقر إلى دولة المال والأغنياء أغرت الكثيرين بالهجرة إلى هناك إلا أن شيخ المنقبين بمنطقة ود بشارة إبراهيم محمد رانفي في حديثه لـ«الإنتباهة» رفض الكشف عن سر المهنة وكيف أن يحصل على الذهب بسهولة حتى إنه أصبح من «المليونيرات» وأشهر الأثرياء في مناطق الذهب وقال إنه يخشى أن يسرق البعض تجربته لأن هناك منافسين له على حد قوله، وأضاف: إنهم صبروا طيلة سني عمرهم في هذه الأرض التي أوصاهم عليها جدهم حينما قال لهم «اصبروا على هذه الأرض البكماء» ويبدو أن هذه الأرض ما زالت بكرًا وتحتضن في جوفها كميات ضخمة من الذهب حسب روايات المواطنين وخبراء الجيلوجيا.
وعلى ضوء الاهتمام الرسمي والتدافع الجماهيري ربما يصبح مفهوم التعدين التقليدي في القريب العاجل أحد أهم المصطلحات في أدبيات الاقتصاد السوداني خصوصًا بعد الاعتراف والتوجه القوي والمتسارع الذي تقوده الحكومة أو بالاحرى وزارة المعادن في محاولة للبحث عن موارد أو منابع أخرى ترفد بها خزينة الدولة التي فقدت هي الأخرى نصيبًا مقدرًا من الإيرادات بعد أن ذهب الجنوب ببتروله، ويرى كثير من خبراء الاقتصاد أن وزارة المعادن ربما هي المعنية بالدرجة الأولى بفك «شفرة» الاقتصاد السوداني إذا ما أحسنت استغلال هذه الثروة المعدنية وعملت على إدخال وسائل علمية وتقنية متطورة في رفع نسبة المنتج ليس في مجال الذهب فقط ولكن في كل المعادن الأخرى وهذا ما يحتم على وزارة المعادن الاستعانة بتجارب دولية أو شركات متخصصة يتم التعاقد معها بشكل يضمن للخزينة العامة حقها وسلطتها على هذه الموارد.
والحديث الذي أدلى به الأستاذ كمال عبد اللطيف في الحفل الذي نظمته وزارته بمنطقة «ود بشارة» بمحلية البطانة بولاية القضارف وهي المبادرة التي قصد بها الأستاذ كمال الاحتفال بمناسبة الذكرى المجيدة لاستقلال السودان وسط العاملين بالتعدين التقليدي هذا الحديث يعني أن هناك محفزات جديدة يمكنها الدفع بهذا النشاط إلى آفاق جديدة وفق رؤية وإستراتيجية تستوعب كل المعطيات والمعينات وتوفير الاحتياجات الضرورية القائمة على حزمة من المعالجات والإصلاحات لمشكلات حقيقية حالت دون الاستفادة القصوى من هذا النشاط وتمثلت المعالجات في إجراء عملية حصر شامل لكل العاملين وترتيب أوضاعهم عبر لجنة مختصة وفتح مكتب خاص لبنك السودان الغرض منه شراء الذهب المنتج وبأسعار مغرية، وذلك للحد من ظاهرة التهريب والسمسرة بواسطة التجار فيما حذرت السلطات الولائية بالقضارف بأنها ستضطر إلى إعمال القانون لردع كل الذين يقومون بممارسات غير أخلاقية أو يتاجرون بالخمور والمخدرات خصوصًا أن البيئة التي يوجد فيها هؤلاء تعتبر مهيأة تمامًا لمثل هذه الممارسات ويبدو أن وزارة المعادن حريصة على استيعاب هؤلاء العمال في تجمعات سكنية أو جمعيات تعاونية تتوفر فيها الخدمات الضرورية على أن تكون هناك قاعدة بيانات أساسية عن كل فرد فالوزارة بحسب إفادات كمال عبد اللطيف ربما تستعين بتجارب التعدين التقليدي في مواقع أخرى من مناطق السودان المختلفة.. وقد وجدت زيارة وزير المعادن إلى مناطق التعدين بمنطقة ود بشارة بالبطانة استحسانًا كبيرًا أشاعت جوًا من الفرح والهجيج على انغام الحماسة التي شارك فيها الفنانون عبد الله البعيو والقلع عبد الحفيظ وتطايرت أموال تجار الذهب إلى جيب «البعيو» ولكن الذي كسب الجولة السيد كمال عبد اللطيف بكيلو من الذهب الصافي تبرعًا من أحد المنقبين وأثرياء الذهب.