صحيفة الإنتباهة الإثنين, 23 كانون2/يناير 2012 07:43
_______________________________________
أعدها: المثني عبد القادر الفحل
إن وعي الطوائف الدينية من سلفيين وصوفيين بالسودان كان ولا يزال السلاح الأول لمجابهة الماسونية العالمية، «الإنتباهة» تابعت خيوط الماسونية الممتدة أصابعها إلى السودان واكتشفت المثير في هذا الملف الغامض الذي يعتبره البعض ربما بما فيهم الحكومة باعتباره من المحرّمات، وإن الحديث عن فلان ماسوني أو غيره لا يتعدى سوى قذف هذا أو ذاك، لأن الحقيقة الغائبة التي سنطرحها عبر هذا الملف تجزم بأن الماسونية ليسوا مجرد أفراد أو مجموعات وإنما شيء أضخم يتعدى كونه حزبًا، وهذه العبارة الأخيرة لم تأت من فراغ وإنما لأن «الإنتباهة» رصدت تلك التحركات المتغلغلة في المجتمع السوداني وتظهر خلال المناسبات العامة من أفراح وأتراح كالطبيعة العادية بالمجتمع، لكن الأخطر هو تقاطع الماسونية الفرنسية والبريطانية والأمريكية بالسودان مع الحركة الصهيونية، وهذا ما تناولته «الإنتباهة» عبر السطور القادمة التي توضح أن أفراد الماسونية الفرنسية بالسودان يتقاطعون مع أفراد الماسونية البريطانية بالبلاد، وهذا الذي يخنقها بخلاف أن تقاطع مصالحهما مع الحركة الصهيونية هو الأدهى والأمر، وعبر السطور القادمة سنروي كيف تحصلنا على تلك المعلومات وكيف رصدناها وكيف تابعناها.
المحفل الماسوني يؤبن المرتزق «بيار»
رصدت «الإنتباهة» قبل بضعة أسابيع أن المحفل الماسوني الفرنسي أقام حفل تأبين للمرتزق «بيار مارزيالي» الذي قُتل في بدايات الثورة الليبية في مدينة بنغازي، وخلّفت حادثة مقتله ما يشبه حالة طوارئ ليس فقط في دوائر صنع القرار في باريس، كما أن حفل التأبين الّذي أقامه المحفل الماسوني يشير إلى أن «بيار» ضمن عضويته، ويُذكر أن له دورًا بارزًا في عدد من النزاعات وبؤر الصراع داخل القارة الإفريقية وفي دول عربية من بينها السودان وتشاد، وتشير السيرة الذاتية له أنه عندما كان بالجيش الفرنسي قبل قيامه بإنشاء وحدة «بلاك ووتر» فرنسية كان مشاركاً في عمليات حساسة وسرية، وعُرف أيضًا بأنه صديق شخصي للرئيس الغابوني الراحل عمر بونغو الذي يعتبر رئيس الماسونية الفرنسية بإفريقيا، وآخر مهام المرتزق الفرنسي قبل ليبيا كانت بالصومال، وتشير السيرة الذاتية للمرتزق الفرنسي أنه عمل برواندا خلال فترة الحرب الأهلية والمجازر وكان هو العرّاب الذي نقل يهود الفلاشا من إسرائيل إلى رواندا لكي يتولوا الحكم خلال العقود القادمة بعد إبادة معظم الهوتو والتوتسي معاًَ، هذا بخلاف أنه ارتكب عمليات إبادة جماعية وتصفيات جسدية واغتيالات سياسية بكل من تشاد ومالاوي وبنين، ويطرح مقتله العديد من التساؤلات حول ماهية قاتله ومن هنا بدأنا هذا الملف المرتبط أيضًا بالسودان.
الماسونية البريطانية
من أشهر أعضاء الماسونية وأرفعهم اللورد كتشنر، وبحسب موقع الماسونية البريطانية فإن كيتشنر رسخ للماسونية في المنطقة، بعد أن أصبح عضواً فيها منذ العام 1892م وعقب احتلاله للخرطوم لقب المحفل بلندن كتشنر بـ«كيتشنر الخرطوم» وفي هذه الأثناء تولى الفرنسي وليام بونتي أمر إنشاء أول محفل ماسوني فرنسي في السودان 1908، وبدوره واصل كيتشنر نشاطات قوية مع الماسونية ليؤسس أول محفل ماسوني بالسودان، وخلال تلك الفترة عملت الماسونية وسط المجتمع السوداني بصورة علنية حتى وصلت لأشخاص رسخهم التاريخ باعتبارهم أبطالاً، وخلف كيتشنر في محفل السودان السير ونجت باشا الذي خلفه جون لانغلي، ويُذكر أيضًا أن الإنجليز عند استعمارهم السودان استخدموا اليونانيين لنشر الماسونية وذلك للألفة القديمة بينهم حيث استخدمهم اللورد كتشنر في احتلاله للسودان، وتلا لانغلي السير لي ستاك عام «1924» الذي اغتيل في أحد شوارع القاهرة، وأعقبه القس غوين عام «1933م»، وعندما تولى جونستون فين المعروف «العم هاربر» نصب ابن عمه في السودان حتى العام «1956م»، وقبل وفاته استقال لصالح محمد صالح الشنقيطي وذلك في اجتماعه الأخير الذي عقد بمطرانية جونستون بلندن في رويال كافيه، شارع ريجنت، في «27» مايو 1959، حيث واصل الشنقيطي عمله بالخرطوم حتى وفاته ثم استلم يحيى عمران خليفة له، ويشتمل محفل السودان على «6» محافل.. «4» في الخرطوم ومحفل بكل من بورتسودان وعطبرة.. وقد كان السيد يحيى عمران هو زعيم المحفل الماسوني في السودان حتى عام 69.. في فبراير «1969» نشرت جريدة الأيام أن اجتماعاً للمحفل سيُعقد في الخرطوم وأوردت أسماء المدعوين للاجتماع وهم.. بابكر عباس، جورج جميل عبديني، محمد صالح يحيى، أحمد إبراهيم إدريس، رياض منصور، زكي عبد الشهيد، مكرم مجلع دميان، حسيب عبود الأشقر، شارل سلوم، مصطفى الصاوي، عبدالقادر مشعال، أحمد عمر خلف الله، رفعت بطرس، محمد آدم، بنيوتي تريزيس، فخري بولس، سعد مهنا، محمد حسن الأمين، حتى حظرت الحكومة السودانية الماسونية في العام 1970م، ومع ازدياد قوة المد الإسلامي من الإخوان المسلمين والسلفيين والتيارات الإسلامية خفّت نبرة الماسونية البريطانية العلنية وانزوت تعمل وسط الأندية حتى إعلان الشريعة الإسلامية التي قضت على آخر ملامحها المرصودة، لكن الغريب أن الموقع الإلكتروني للمجلس الوطني وضمن السيرة الذاتية للشنقيطي عرفه المجلس بأنه أول سوداني يحتل منصب مدير إقليمي لنادي الروتاري مما يطرح سؤالاً عمّا اذا كان الروتاري مفخرة؟!
السودان محفل ماسوني بأمريكا
في أمريكا في ولاية تكساس أقام الأمريكان محفلاً ماسونيًا باسم السودان، وفي تعريف المحفل ذكر الأمريكان أنهم اختاروا اسم السودان لأنه باللغة العربية يشير إلى المنطقة التي تقع في إفريقيا جنوب الصحراء، أي السودان الحالي، وذلك وفقًا لنبوءات تقول إنه من أكثر الأرض غموضاً بالإضافة إلى أنه مذكور في كتاب «الماسونية النور العظيم»، التي تكتب في كل محفل ماسوني بالعالم، ولأن السنوات القليلة الأولى من التنظيم كانت بأرض السودان الحالي.
شركة تُدعى ماسون للمياه بأمدرمان
ذكرت شركة بريطانية تُدعى بسينت الماسونية للمياه أنها أقامت محطة لمعالجة المياه ضمن عقد يتضمن تشغيل وصيانة متكاملة شيدت بأم درمان، وقد تم توفير التمويل اللازم لهذا المرفق من قبل وزارة الشؤون الخارجية الهولندية، وشركة إكسيم الماليزية، ولا نعلم هل هنالك علاقة بين اسم ماسونية المذكور للشركة مع تنظيم الماسونية أم «لا».
الماسونية تختطف الخواجة كمبوني
في مذكرات أبو التبشير المسيحي بالسودان دانيال كمبوني قال إنه عاد إلى إيطاليا من القاهرة بحثًا عن المساعدة، وخاصة الصناديق حيث قام بجولة بين أوروبا وباريس ولندن وكولونيا وفيينا في البحث عن الدعم المادي، وخلال وجوده في فرنسا تم اختطافه من قبل الماسونيين في باريس كما كشف لأصدقائه عقب تلك الحادثة بفترة طويلة، وكان أقسم للماسونيين علي كتمان الأمر خوفًا من خناجرهم التي من الممكن أن تصل إليه في قلب إفريقيا.
الماسونية هل تحيط بالسودان؟
وانتقلت الماسونية للعمل في دول محيط السودان الشرقي ابتداء من إثيوبيا وكينيا و أوغندا بالإضافة لتنزانيا، وبحسب ما رصدته «الإنتباهة» فإن الماسونية البريطانية تملك شرق إفريقيا بينما تنافسها الماسونية الفرنسية المنتشرة في ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى والسنغال ودول الفرانكفونية، وأكثر دليل ملموس استطاعت «الإنتباهة» رصده للماسونية البريطانية هو عبر زعيم المحافل الماسونية اندي تشاندي الذي يُطلق عليه لقب «فارس إفريقيا» وهو أيضًا رئيس القرن الذهبي لمنظمة الروتاري وحالياً عضو مجلس أمناء مؤسسة الروتاري العالمية، وعضو مجلس إدارة مؤسسة تدعى «مشروعات التنمية المستدامة» واختصارها «FSED» وعملت في السودان ومقر مكاتبها في كندا بمدينة تورونتو، وبحسب مارصدته «الإنتباهة» فإن تلك المؤسسة قامت بدراسة ميدانية مفصلة بعنوان دراسة القدرات المؤسسة تحت مسمى جامعة يورك الكندية لتقييم المشاركة الاجتماعية في دارفور، بالإضافة إلى أنها أقامت منتدى رفيع المستوى لتنمية المشروعات المستدامة في الفترة من ، 1 ــ 03 أبريل 2007م، بجامعة الأحفاد، في إطار شراكتها مع البنك الدولي.
مؤتمرات الماسونية اإفريقية والعالمية في سطور
وحسب ما علمت «الإنتباهة» فإن مؤتمر الماسونية الدولية الكبرى سيُعقد بلندن متزامناً مع مؤتمر ممباسا بتاريخ «15» سبتمبر القادم، وسيقوم المجلس الماسوني الأم السامي والمجلس الأعلى للمؤسسة العالمية للاحتفال الكبير لودج إنكلترا بمناسبة مرور «300» سنة على تأسيسها. وسيشارك في طقوس الماسونية «1717» من قِبل المؤسسين حول العالم، أما مؤتمر الماسونية البريطانية الـ«11» فسينعقد بمدينة مومباسا الكينية يوم الخميس الـ«20» من سبتمبر وحتى الأحد «23» سبتمبر من العام 2012م أي بعد «5» أيام من المؤتمر الأم بلندن، و أيضًا مؤتمر الماسونية الذي انعقد في منطقة شرق إفريقيا وإن أول مؤتمر انعقد في تنزانيا كان في العام «1989م»، وشارك فيه «55» عضواً، وناقش ماضي الماسونية البريطانية ومستقبلها، أما الثاني فانعقد في مومباسا بكينيا في فندق إنتركونتيننتال من العام «1990م» وناقش أخلاقيات الماسونية وتعاليمها ورموزها الحالية، أما المؤتمر الثالث فانعقد في مومباسا في مايو عام «1992»م وشارك فيه «98» عضواً، أما المؤتمر الرابع فعُقد في مدينة كيسومو بكينيا في مايو من العام «1994»م بفندق إمبريال وشارك فيه «150» عضواً، وناقش أزمة الماسونية في لندن وتداعياتها على منطقة شرق إفريقيا، أما المؤتمر الخامس فقد انعقد في أغسطس من العام 1996 في مومباسا وناقش ممارسات الماسونية الأمريكية والأوروبية، والماسونية في بريطانيا من قبل القس بيتر همنغواي، وإنشاء صندوق شرق إفريقيا الماسوني، أما المؤتمر السادس فكان في أغسطس، 1998م في مومباسا أيضًا وشارك فيه «152» عضواً وناقش الماسونية في القرن 21 من قبل الإخوان كارتر، أما المؤتمر السابع فانعقد في أغسطس، 2000م، وشارك فيه «172» عضواً وناقش الرموز الأكثر أهمية في الماسونية، أما المؤتمر الثامن فكان في سبتمبر، 2006م في مدينة مونيونيو بأوغندا وشارك فيه «248» عضواً، وناقش الماسونية والأديان وكيفية دعم المنظمات غير اللاهوتية للدين من خلال نهج إلاخوان وليام دبليو البروفيسور لور، بالإضافة إلى بعض جوانب الفقه الماسوني، و طقوس الماسونية التي كتبها حسين فضل، أما المؤتمر التاسع فانعقد في سبتمبر، 2008 م وشارك فيه «419» عضواً، بينما انعقد المؤتمر العاشر في فندق وايت ساندز بمنتجع دار السلام بتنزانيا في سبتمبر، 2010 وشارك فيه «298» عضواً وناقش التحديات التي تواجه الماسونية في شرق إفريقيا .
الماسونية الفرنسية بدول غرب السودان
أكثر عملية بحث معقدة كانت لـ«الإنتباهة» هي البحث وراء الماسونية الفرنسية، فبخلاف عنصر اللغة فإن الماسونية الفرنسية معقّدة عكس الماسونية البريطانية والأمريكية، خاصة وأن الأولى غارقة في الفضائح الاستعمارية في القارة الإفريقية لدعمها الزعماء الأفارقة المختلسين، ولا تزال مسيطرة على الدول التي كانت مستعمرتها في السابق، وبنظرة عامة لها نجد أن الماسونية الفرنسية هي عبارة عن نخبة من رجال الأعمال الفرنسيين والسياسيين وهم الذين يسيطرون على القادة الأفارقة التابعين لتلك المحافل، فبينما نجد أن الماسونية البريطانية والأمريكية تركِّز على طقوسها نجد أن الفرنسية تخطّت مرحلة الطقوس حيث استطاعت المحافل الفرنسية تنصيب الرئيس الغابوني الراحل علي بونغو رئيساً للمحافل المساونية بإفريقيا خلفاً لأبيه الرئيس عمر بونغو ومساعديه هم بحسب مجلة «لو نوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية الرئيس الكونغولي السابق دنيس ساسو نغيسو وهو رئيس المحفل الكونغولي ومسؤول عن السنغال عقب تخلي الرئيس عبدالله واد عن المحفل الماسوني السنغالي ورئيس النيجر مامادو تانجا والأفروسطي فرانسو بوزيزيه ورئيس بوركينا فاسو، وروبرت غوي وبول بيا رئيس الكاميرون ورئيس غانا السابق جون كافور، وترصد مجلة فرنسية دخول الماسونية الفرنسية منذ العام 1781م في السنغال، بالإضافة إلى أن المجلة الفرنسية قالت إن محاولة اغتيال الرئيس العاجي لوران كودو غباغبو كانت بأمر من المحافل الماسونية التى قضت بأمرين إما الإطاحة به أو اغتياله لأنه رفض التنحي لصالح الحسن واتار سلمياً، وتشير المجلة إلى أن ذات السيناريو أقيم في عملية الانقلاب التي تمت في دولة مدغشقر .
باختصار فإن هدف الماسونية الفرنسية هو الحفاظ على دول الفترة الاستعمارية الفرنسية السابقة عبر السيطرة على اقتصاديات تلك الدول الإفريقية، والاستيلاء على احتياطيات العملات الأجنبية منها، والسيطرة على المواد الخام الإستراتيجية، وأن تتمركز قواتها في أي بلد شاءت وتطالب بجلب المعدات العسكرية من فرنسا، بل وتولى تدريب الشرطة والجيش، والسماح للشركات الفرنسية بالحفاظ على احتكار الشركات في مجالات رئيسية «الماء والكهرباء، والموانئ، والنقل، والطاقة، إلخ.».
الروتاري والليونز وجه الماسونية الأمريكية
أندية «الروتاري» العالمية و«الليونز» هي نوادٍ تبدو ذات أعمال خيرية اجتماعية في الظاهر، لكنها لا تعدو أن تكون واحدة من المنظمات للماسونية لكن بفرق أنها تدار بواسطة أصابع أمريكية، فهناك «فارس إفريقيا» اندي تشاندي الذي يطلق عليه لقب القرن الذهبي لمنظمة الروتاري وحالياً عضو مجلس أمناء مؤسسة الروتاري العالمية، وأما عن عمل الروتارى في السودان فقد رصدت «الإنتباهة» الاحتفال الذي انعقد في أحد الفنادق بالخرطوم وحضره الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، بالإضافة إلى صور لاجتماعات الروتاري بالسودان وعضويتها، هذا بالإضافة إلى أن المسؤول عن مجموعة الليونز في دولة جنوب السودان هو المبعوث الأمريكي السابق للسودان روجر ونتر، وفي إحدى الصور تبين ونتر مع مجموعة مواطني جنوب السودان في برنامج تدريبي لتطوير القادة بمدينة دنفر بولاية كولورادو الأمريكية.
أخيراً
بنبغى لنا دائماً النظر للتحديات التي تواجه السودان بمنظور خارجي حتى نفهم المقصود مما يجري، خاصة أن هناك تقاطعات بين الماسونيات والحركة اليهودية الصهيونية والتي تعتقد أن ما تسميه بالصالحين من اليهود مدفنهم في الأرض الواقعة بين الخرطوم ودنقلا، فيما أشارت بعض البحوث والاجتهادات إلى وجود تلك المدافن في ولاية نهر النيل لهذا نجد أن رموز الأهرامات لدى الماسونية أو الصهيونية هي الأساس لما يزعمون خاصة وأن الأهرامات لا توجد إلا في السودان ومصر والمكسيك بأمريكا الجنوبية، وعقب الاجتماع الذي ضم تلك الماسونيات مع الحركة الصهيونية مطلع القرن الجاري، فإن ما رصدته «الإنتباهة» ما هو إلا اليسير لكن الأخطر هو ما سيفرز عنه مؤتمر الماسونية القادم لشرق إفريقيا الذي سيُعقد في ممباسا شهر سبتمبر القادم.
_______________________________________
أعدها: المثني عبد القادر الفحل
إن وعي الطوائف الدينية من سلفيين وصوفيين بالسودان كان ولا يزال السلاح الأول لمجابهة الماسونية العالمية، «الإنتباهة» تابعت خيوط الماسونية الممتدة أصابعها إلى السودان واكتشفت المثير في هذا الملف الغامض الذي يعتبره البعض ربما بما فيهم الحكومة باعتباره من المحرّمات، وإن الحديث عن فلان ماسوني أو غيره لا يتعدى سوى قذف هذا أو ذاك، لأن الحقيقة الغائبة التي سنطرحها عبر هذا الملف تجزم بأن الماسونية ليسوا مجرد أفراد أو مجموعات وإنما شيء أضخم يتعدى كونه حزبًا، وهذه العبارة الأخيرة لم تأت من فراغ وإنما لأن «الإنتباهة» رصدت تلك التحركات المتغلغلة في المجتمع السوداني وتظهر خلال المناسبات العامة من أفراح وأتراح كالطبيعة العادية بالمجتمع، لكن الأخطر هو تقاطع الماسونية الفرنسية والبريطانية والأمريكية بالسودان مع الحركة الصهيونية، وهذا ما تناولته «الإنتباهة» عبر السطور القادمة التي توضح أن أفراد الماسونية الفرنسية بالسودان يتقاطعون مع أفراد الماسونية البريطانية بالبلاد، وهذا الذي يخنقها بخلاف أن تقاطع مصالحهما مع الحركة الصهيونية هو الأدهى والأمر، وعبر السطور القادمة سنروي كيف تحصلنا على تلك المعلومات وكيف رصدناها وكيف تابعناها.
المحفل الماسوني يؤبن المرتزق «بيار»
رصدت «الإنتباهة» قبل بضعة أسابيع أن المحفل الماسوني الفرنسي أقام حفل تأبين للمرتزق «بيار مارزيالي» الذي قُتل في بدايات الثورة الليبية في مدينة بنغازي، وخلّفت حادثة مقتله ما يشبه حالة طوارئ ليس فقط في دوائر صنع القرار في باريس، كما أن حفل التأبين الّذي أقامه المحفل الماسوني يشير إلى أن «بيار» ضمن عضويته، ويُذكر أن له دورًا بارزًا في عدد من النزاعات وبؤر الصراع داخل القارة الإفريقية وفي دول عربية من بينها السودان وتشاد، وتشير السيرة الذاتية له أنه عندما كان بالجيش الفرنسي قبل قيامه بإنشاء وحدة «بلاك ووتر» فرنسية كان مشاركاً في عمليات حساسة وسرية، وعُرف أيضًا بأنه صديق شخصي للرئيس الغابوني الراحل عمر بونغو الذي يعتبر رئيس الماسونية الفرنسية بإفريقيا، وآخر مهام المرتزق الفرنسي قبل ليبيا كانت بالصومال، وتشير السيرة الذاتية للمرتزق الفرنسي أنه عمل برواندا خلال فترة الحرب الأهلية والمجازر وكان هو العرّاب الذي نقل يهود الفلاشا من إسرائيل إلى رواندا لكي يتولوا الحكم خلال العقود القادمة بعد إبادة معظم الهوتو والتوتسي معاًَ، هذا بخلاف أنه ارتكب عمليات إبادة جماعية وتصفيات جسدية واغتيالات سياسية بكل من تشاد ومالاوي وبنين، ويطرح مقتله العديد من التساؤلات حول ماهية قاتله ومن هنا بدأنا هذا الملف المرتبط أيضًا بالسودان.
الماسونية البريطانية
من أشهر أعضاء الماسونية وأرفعهم اللورد كتشنر، وبحسب موقع الماسونية البريطانية فإن كيتشنر رسخ للماسونية في المنطقة، بعد أن أصبح عضواً فيها منذ العام 1892م وعقب احتلاله للخرطوم لقب المحفل بلندن كتشنر بـ«كيتشنر الخرطوم» وفي هذه الأثناء تولى الفرنسي وليام بونتي أمر إنشاء أول محفل ماسوني فرنسي في السودان 1908، وبدوره واصل كيتشنر نشاطات قوية مع الماسونية ليؤسس أول محفل ماسوني بالسودان، وخلال تلك الفترة عملت الماسونية وسط المجتمع السوداني بصورة علنية حتى وصلت لأشخاص رسخهم التاريخ باعتبارهم أبطالاً، وخلف كيتشنر في محفل السودان السير ونجت باشا الذي خلفه جون لانغلي، ويُذكر أيضًا أن الإنجليز عند استعمارهم السودان استخدموا اليونانيين لنشر الماسونية وذلك للألفة القديمة بينهم حيث استخدمهم اللورد كتشنر في احتلاله للسودان، وتلا لانغلي السير لي ستاك عام «1924» الذي اغتيل في أحد شوارع القاهرة، وأعقبه القس غوين عام «1933م»، وعندما تولى جونستون فين المعروف «العم هاربر» نصب ابن عمه في السودان حتى العام «1956م»، وقبل وفاته استقال لصالح محمد صالح الشنقيطي وذلك في اجتماعه الأخير الذي عقد بمطرانية جونستون بلندن في رويال كافيه، شارع ريجنت، في «27» مايو 1959، حيث واصل الشنقيطي عمله بالخرطوم حتى وفاته ثم استلم يحيى عمران خليفة له، ويشتمل محفل السودان على «6» محافل.. «4» في الخرطوم ومحفل بكل من بورتسودان وعطبرة.. وقد كان السيد يحيى عمران هو زعيم المحفل الماسوني في السودان حتى عام 69.. في فبراير «1969» نشرت جريدة الأيام أن اجتماعاً للمحفل سيُعقد في الخرطوم وأوردت أسماء المدعوين للاجتماع وهم.. بابكر عباس، جورج جميل عبديني، محمد صالح يحيى، أحمد إبراهيم إدريس، رياض منصور، زكي عبد الشهيد، مكرم مجلع دميان، حسيب عبود الأشقر، شارل سلوم، مصطفى الصاوي، عبدالقادر مشعال، أحمد عمر خلف الله، رفعت بطرس، محمد آدم، بنيوتي تريزيس، فخري بولس، سعد مهنا، محمد حسن الأمين، حتى حظرت الحكومة السودانية الماسونية في العام 1970م، ومع ازدياد قوة المد الإسلامي من الإخوان المسلمين والسلفيين والتيارات الإسلامية خفّت نبرة الماسونية البريطانية العلنية وانزوت تعمل وسط الأندية حتى إعلان الشريعة الإسلامية التي قضت على آخر ملامحها المرصودة، لكن الغريب أن الموقع الإلكتروني للمجلس الوطني وضمن السيرة الذاتية للشنقيطي عرفه المجلس بأنه أول سوداني يحتل منصب مدير إقليمي لنادي الروتاري مما يطرح سؤالاً عمّا اذا كان الروتاري مفخرة؟!
السودان محفل ماسوني بأمريكا
في أمريكا في ولاية تكساس أقام الأمريكان محفلاً ماسونيًا باسم السودان، وفي تعريف المحفل ذكر الأمريكان أنهم اختاروا اسم السودان لأنه باللغة العربية يشير إلى المنطقة التي تقع في إفريقيا جنوب الصحراء، أي السودان الحالي، وذلك وفقًا لنبوءات تقول إنه من أكثر الأرض غموضاً بالإضافة إلى أنه مذكور في كتاب «الماسونية النور العظيم»، التي تكتب في كل محفل ماسوني بالعالم، ولأن السنوات القليلة الأولى من التنظيم كانت بأرض السودان الحالي.
شركة تُدعى ماسون للمياه بأمدرمان
ذكرت شركة بريطانية تُدعى بسينت الماسونية للمياه أنها أقامت محطة لمعالجة المياه ضمن عقد يتضمن تشغيل وصيانة متكاملة شيدت بأم درمان، وقد تم توفير التمويل اللازم لهذا المرفق من قبل وزارة الشؤون الخارجية الهولندية، وشركة إكسيم الماليزية، ولا نعلم هل هنالك علاقة بين اسم ماسونية المذكور للشركة مع تنظيم الماسونية أم «لا».
الماسونية تختطف الخواجة كمبوني
في مذكرات أبو التبشير المسيحي بالسودان دانيال كمبوني قال إنه عاد إلى إيطاليا من القاهرة بحثًا عن المساعدة، وخاصة الصناديق حيث قام بجولة بين أوروبا وباريس ولندن وكولونيا وفيينا في البحث عن الدعم المادي، وخلال وجوده في فرنسا تم اختطافه من قبل الماسونيين في باريس كما كشف لأصدقائه عقب تلك الحادثة بفترة طويلة، وكان أقسم للماسونيين علي كتمان الأمر خوفًا من خناجرهم التي من الممكن أن تصل إليه في قلب إفريقيا.
الماسونية هل تحيط بالسودان؟
وانتقلت الماسونية للعمل في دول محيط السودان الشرقي ابتداء من إثيوبيا وكينيا و أوغندا بالإضافة لتنزانيا، وبحسب ما رصدته «الإنتباهة» فإن الماسونية البريطانية تملك شرق إفريقيا بينما تنافسها الماسونية الفرنسية المنتشرة في ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى والسنغال ودول الفرانكفونية، وأكثر دليل ملموس استطاعت «الإنتباهة» رصده للماسونية البريطانية هو عبر زعيم المحافل الماسونية اندي تشاندي الذي يُطلق عليه لقب «فارس إفريقيا» وهو أيضًا رئيس القرن الذهبي لمنظمة الروتاري وحالياً عضو مجلس أمناء مؤسسة الروتاري العالمية، وعضو مجلس إدارة مؤسسة تدعى «مشروعات التنمية المستدامة» واختصارها «FSED» وعملت في السودان ومقر مكاتبها في كندا بمدينة تورونتو، وبحسب مارصدته «الإنتباهة» فإن تلك المؤسسة قامت بدراسة ميدانية مفصلة بعنوان دراسة القدرات المؤسسة تحت مسمى جامعة يورك الكندية لتقييم المشاركة الاجتماعية في دارفور، بالإضافة إلى أنها أقامت منتدى رفيع المستوى لتنمية المشروعات المستدامة في الفترة من ، 1 ــ 03 أبريل 2007م، بجامعة الأحفاد، في إطار شراكتها مع البنك الدولي.
مؤتمرات الماسونية اإفريقية والعالمية في سطور
وحسب ما علمت «الإنتباهة» فإن مؤتمر الماسونية الدولية الكبرى سيُعقد بلندن متزامناً مع مؤتمر ممباسا بتاريخ «15» سبتمبر القادم، وسيقوم المجلس الماسوني الأم السامي والمجلس الأعلى للمؤسسة العالمية للاحتفال الكبير لودج إنكلترا بمناسبة مرور «300» سنة على تأسيسها. وسيشارك في طقوس الماسونية «1717» من قِبل المؤسسين حول العالم، أما مؤتمر الماسونية البريطانية الـ«11» فسينعقد بمدينة مومباسا الكينية يوم الخميس الـ«20» من سبتمبر وحتى الأحد «23» سبتمبر من العام 2012م أي بعد «5» أيام من المؤتمر الأم بلندن، و أيضًا مؤتمر الماسونية الذي انعقد في منطقة شرق إفريقيا وإن أول مؤتمر انعقد في تنزانيا كان في العام «1989م»، وشارك فيه «55» عضواً، وناقش ماضي الماسونية البريطانية ومستقبلها، أما الثاني فانعقد في مومباسا بكينيا في فندق إنتركونتيننتال من العام «1990م» وناقش أخلاقيات الماسونية وتعاليمها ورموزها الحالية، أما المؤتمر الثالث فانعقد في مومباسا في مايو عام «1992»م وشارك فيه «98» عضواً، أما المؤتمر الرابع فعُقد في مدينة كيسومو بكينيا في مايو من العام «1994»م بفندق إمبريال وشارك فيه «150» عضواً، وناقش أزمة الماسونية في لندن وتداعياتها على منطقة شرق إفريقيا، أما المؤتمر الخامس فقد انعقد في أغسطس من العام 1996 في مومباسا وناقش ممارسات الماسونية الأمريكية والأوروبية، والماسونية في بريطانيا من قبل القس بيتر همنغواي، وإنشاء صندوق شرق إفريقيا الماسوني، أما المؤتمر السادس فكان في أغسطس، 1998م في مومباسا أيضًا وشارك فيه «152» عضواً وناقش الماسونية في القرن 21 من قبل الإخوان كارتر، أما المؤتمر السابع فانعقد في أغسطس، 2000م، وشارك فيه «172» عضواً وناقش الرموز الأكثر أهمية في الماسونية، أما المؤتمر الثامن فكان في سبتمبر، 2006م في مدينة مونيونيو بأوغندا وشارك فيه «248» عضواً، وناقش الماسونية والأديان وكيفية دعم المنظمات غير اللاهوتية للدين من خلال نهج إلاخوان وليام دبليو البروفيسور لور، بالإضافة إلى بعض جوانب الفقه الماسوني، و طقوس الماسونية التي كتبها حسين فضل، أما المؤتمر التاسع فانعقد في سبتمبر، 2008 م وشارك فيه «419» عضواً، بينما انعقد المؤتمر العاشر في فندق وايت ساندز بمنتجع دار السلام بتنزانيا في سبتمبر، 2010 وشارك فيه «298» عضواً وناقش التحديات التي تواجه الماسونية في شرق إفريقيا .
الماسونية الفرنسية بدول غرب السودان
أكثر عملية بحث معقدة كانت لـ«الإنتباهة» هي البحث وراء الماسونية الفرنسية، فبخلاف عنصر اللغة فإن الماسونية الفرنسية معقّدة عكس الماسونية البريطانية والأمريكية، خاصة وأن الأولى غارقة في الفضائح الاستعمارية في القارة الإفريقية لدعمها الزعماء الأفارقة المختلسين، ولا تزال مسيطرة على الدول التي كانت مستعمرتها في السابق، وبنظرة عامة لها نجد أن الماسونية الفرنسية هي عبارة عن نخبة من رجال الأعمال الفرنسيين والسياسيين وهم الذين يسيطرون على القادة الأفارقة التابعين لتلك المحافل، فبينما نجد أن الماسونية البريطانية والأمريكية تركِّز على طقوسها نجد أن الفرنسية تخطّت مرحلة الطقوس حيث استطاعت المحافل الفرنسية تنصيب الرئيس الغابوني الراحل علي بونغو رئيساً للمحافل المساونية بإفريقيا خلفاً لأبيه الرئيس عمر بونغو ومساعديه هم بحسب مجلة «لو نوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية الرئيس الكونغولي السابق دنيس ساسو نغيسو وهو رئيس المحفل الكونغولي ومسؤول عن السنغال عقب تخلي الرئيس عبدالله واد عن المحفل الماسوني السنغالي ورئيس النيجر مامادو تانجا والأفروسطي فرانسو بوزيزيه ورئيس بوركينا فاسو، وروبرت غوي وبول بيا رئيس الكاميرون ورئيس غانا السابق جون كافور، وترصد مجلة فرنسية دخول الماسونية الفرنسية منذ العام 1781م في السنغال، بالإضافة إلى أن المجلة الفرنسية قالت إن محاولة اغتيال الرئيس العاجي لوران كودو غباغبو كانت بأمر من المحافل الماسونية التى قضت بأمرين إما الإطاحة به أو اغتياله لأنه رفض التنحي لصالح الحسن واتار سلمياً، وتشير المجلة إلى أن ذات السيناريو أقيم في عملية الانقلاب التي تمت في دولة مدغشقر .
باختصار فإن هدف الماسونية الفرنسية هو الحفاظ على دول الفترة الاستعمارية الفرنسية السابقة عبر السيطرة على اقتصاديات تلك الدول الإفريقية، والاستيلاء على احتياطيات العملات الأجنبية منها، والسيطرة على المواد الخام الإستراتيجية، وأن تتمركز قواتها في أي بلد شاءت وتطالب بجلب المعدات العسكرية من فرنسا، بل وتولى تدريب الشرطة والجيش، والسماح للشركات الفرنسية بالحفاظ على احتكار الشركات في مجالات رئيسية «الماء والكهرباء، والموانئ، والنقل، والطاقة، إلخ.».
الروتاري والليونز وجه الماسونية الأمريكية
أندية «الروتاري» العالمية و«الليونز» هي نوادٍ تبدو ذات أعمال خيرية اجتماعية في الظاهر، لكنها لا تعدو أن تكون واحدة من المنظمات للماسونية لكن بفرق أنها تدار بواسطة أصابع أمريكية، فهناك «فارس إفريقيا» اندي تشاندي الذي يطلق عليه لقب القرن الذهبي لمنظمة الروتاري وحالياً عضو مجلس أمناء مؤسسة الروتاري العالمية، وأما عن عمل الروتارى في السودان فقد رصدت «الإنتباهة» الاحتفال الذي انعقد في أحد الفنادق بالخرطوم وحضره الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، بالإضافة إلى صور لاجتماعات الروتاري بالسودان وعضويتها، هذا بالإضافة إلى أن المسؤول عن مجموعة الليونز في دولة جنوب السودان هو المبعوث الأمريكي السابق للسودان روجر ونتر، وفي إحدى الصور تبين ونتر مع مجموعة مواطني جنوب السودان في برنامج تدريبي لتطوير القادة بمدينة دنفر بولاية كولورادو الأمريكية.
أخيراً
بنبغى لنا دائماً النظر للتحديات التي تواجه السودان بمنظور خارجي حتى نفهم المقصود مما يجري، خاصة أن هناك تقاطعات بين الماسونيات والحركة اليهودية الصهيونية والتي تعتقد أن ما تسميه بالصالحين من اليهود مدفنهم في الأرض الواقعة بين الخرطوم ودنقلا، فيما أشارت بعض البحوث والاجتهادات إلى وجود تلك المدافن في ولاية نهر النيل لهذا نجد أن رموز الأهرامات لدى الماسونية أو الصهيونية هي الأساس لما يزعمون خاصة وأن الأهرامات لا توجد إلا في السودان ومصر والمكسيك بأمريكا الجنوبية، وعقب الاجتماع الذي ضم تلك الماسونيات مع الحركة الصهيونية مطلع القرن الجاري، فإن ما رصدته «الإنتباهة» ما هو إلا اليسير لكن الأخطر هو ما سيفرز عنه مؤتمر الماسونية القادم لشرق إفريقيا الذي سيُعقد في ممباسا شهر سبتمبر القادم.