إمكانية إقامة المزارع الرعوية للإبل في السودان الجزء الثاني
إمكانية إقامة المزارع الرعوية للإبل في السودان الجزء الثاني
السياسات الرعوية ونظم الإنتاج: الموارد الرعوية الطبيعة تشمل عدداً من البيئات الرعوية المتباينة والتي تختلف في تراكيبها النوعية ومعدلات إنتاجها تبعاً لتباين معدلات الأمطار ونوعية التربة. أوردت دراسة مركز بحوث الإبل بأم شديدة (1994) إلى إن المراعي الطبيعية للإبل تختلف في تركيبتها النباتية وتمثل الأشجار الصغيرة 45.5% والأشجار الكبيرة 29.9% والحشائش 11.2% والأعشاب الأخرى 10% إضافة الحي 3.2% أخرى ومخلفات زراعية كما وأشارت الدراسة إلى أن الإبل تعتمد على الأعشاب بنسبة 52% من مصادرها الغذائية و26% علي الأشجار و22% من الحشائش وتتحرك رعوياً في دائرة واسعة 50-70 كيلومتراً في اليوم.
نظم تربية الإبل الرئيسية وإنتاجها:
النظام الرعوي الانتشاري: يحدد هذا النظام المراعي الطبيعية والماء والمساحات الشاسعة المفتوحة التي تتأثر بالعوامل الطبيعية وفي هذا النظام تتحرك الأسرة بكاملها وراء المرعى الجيد.
النظام شبه المكثف: ينتهج هذا النمط من المرعي جماعات تقوم بتأجير رعاة لمصاحبة الإبل الذكور وتحجز النوق لرعايتها بمخلفات زراعية.
النظام المكثف: يستخدم المخلفات الزراعية وبعض المركزات والذرة، في أماكن الاستقرار في مناطق الزراعة الآلية في جنوب كردفان وجنوب دارفور وكسلا ومناطق النيل الأزرق. يهدف النظام شبه المكثف والمكثف في الرعي إلى بناء مخزون كافٍ من الإبل بسرعة أكبر من النمط الانتشاري.
مصــادر المـــياه:
تتعدد مصادر المياه للإبل وتختلف حسب منطقة وجودها فهناك نهر النيل وروافده والأمطار في فصل الخريف وما بعده والمياه الجوفية في المناطق ذات الصخور الجيولوجية الحاملة للمياه في أعماق 150-1000 قدم والحفائر في المناطق ذات التربة الطينية العميقة جوار مساقط المياه الطبيعية (كما في البطانة) والآبار السطحية وهي أهم المصادر في فترة الصيف والأودية المنحدرة من الجبال ومياه الخيران في منطقة البحر الأحمر.
مربو الإبل كغيرهم من مربي الحيوان في السودان في حالة تحرك مستمر
(شكل 3) تحركات الإبل في السودان) بحثاً عن الماء والكلأ وتتحرك إبلهم تبعاً لمواسم السنة صيفاً وشتاءً وخريفاً، وبعد قيام المشاريع الزراعية المروية الكبرى ومشاريع الزراعة الآلية لتغيرت تلقائياً تحركات الإبل فمثلاً قناة الرهد التي تمتد لمسافات طويلة أصبحت مورداً مستديماً لمياه الشرب وتوفرت بقايا المحاصيل كعلف للحيوانات، ومنها الإبل إلا أن الإبل وبصورة عامة في السودان تعتمد على المرعى الطبيعي في غذائها الذي يتكون من الأشجار والشجيرات والعشب والحشائش وبقايا المحاصيل بعد حصادها.
استخدامات الإبل عالمياً:
اســـتراليا: أورد كرستوفر جايلز مستشار الصندوق العالمي للتنمية الزراعية "إيفاد" في جريدة غرب استراليا بتاريخ 25/8/1998م أن سباق الإبل في استراليا أضحى عملاً استثمارياً مربحاً ويوجد بها 14 ميداناً لسباق وقد حضر سباق رويال أند ديك عشرون ألف مشاهدٍ وكذلك ورد في نشرة الإبل العدد (15) سبتمبر 1998 انه تمت إقامة حلقتين حول (إنتاج - صناعة) الإبل في استراليا تم فيها توصيف إمكانية تطوير إنتاج الإبل في غرب استراليا وتضمن ذلك التوصيف تجارة الإبل الحية ولحومها وجلودها واستخدام دهونها في صناعة الكريمات ومرطبات الجلد كما تم توصيف نقل وسائل كرش الإبل إلى الأبقار لتحسين هضمها للمواد العلفية.
أيضا ورد في مجلة الإبل الاسترالية المجلد (2) العدد (1) 1996م، ازدياد الإقبال علي تناول لحوم الإبل بمعدل 500% (خسمة أضعاف) خلال السنتين الماضيتين وقدر عدد الإبل المذبوحة في العام 1996ب 1400 رأساً مقابل 400 في العام 1994 وقدرت كمية لحم الإبل بالأسواق بخمسة أطنان وأصبح سوق بيع وتصدير الإبل عملاً رابحاً في كل أنحاء أستراليا ويتوقع للحم الإبل دور مهم ورئيس في صناعة اللحوم علي المستوى العالمي .
الهند: أشار خان (Khann, 1999) في نشرة الإبل العدد 16 سبتمبر 1999 إلى الإمكانات الواعدة لتصدير لحم الإبل ولبنه بالإضافة لفوائد الجلود والوبر واقترح إنشاء دراسة دبلوم فوق الجامعي لصحة ورعاية الإبل.
الفــلبين: أوردت نشرة الإبل العدد (14) ابريل 1998 إن الفلبين طلبت استيراد إبل من جمهورية مصر العربية لمديرية السياحة الفلبينية لتعيش بصورة حرة على الصحراء الرملية في جبال بيتا.
المملكة العربية السعودية: (بكار وآخرون 1993) إحصائية على مدى ثماني سنوات 1986-1993 في مسلخ الرياض الحديث شملت 389301 من ذبائح الأغنام والأبقار وبعد حساب نسب الذبائح التي أتلفت كلياً وبعد حساب متوسطات حساب هذه النسب للسنوات الثمانية تبين انه كلما أتلفت ذبيحة إبل قابلها 12 من ذبائح الأبقار و19 من ذبائح الأغنام وأشاروا إلى انه عند تناول لحوم غير مطبوخة جيداً من الإبل فان احتمال الإصابة بالمرض كانت منخفضة جداً لا تتجاوز 5-8% بينما احتمال الإصابة من لحوم الأبقار والأغنام عالية جداً تصل إلى 92-95%.
وفي الجانب الترفيهي أقيم في منطقة الربع الخالي بالسعودية بالقرب من مناطق خريص مهرجاناً ضم 2000 ناقة لاختيار ملكة لجمال الإبل أي أجمل ناقة ورصدت له جوائز كبرى وحضر المهرجان جمع غفير من البلاد العربية واختيرت لجنة التحكيم من ذوي الخبرة في شئون الإبل ومقاييس جمالها والتي تتحدد في الجسم والرأس والعنق والعينين والأذنين والمشية.
إيــــران: وأوردت ذات النشرة انه أقيم في مدينة طيس في الفترة من 17-18/12/1997 مهرجان إبل اللحم لانتخاب أفضل جمل لحم واعتمدت لجنة التحكيم طول الجذع المستقيم وارتفاع الجمل ومحيط الصدر وعنقه ومحيط البطن والسنام كمقاييس أساسية.
الولايات المتحدة الأمريكية: في صحراء نيفادا الأمريكية أقيم السباق الدولي في فرجينيا ستي عام 1993م واستمر السباق المثير لمدة أسبوع خصصت منه ثلاث أيام للسباق وبقية الأيام للاستعراضات والأنشطة واشترك في السباق ممثلون عن كينيا والمملكة العربية السعودية.
كل ما ورد أعلاه يمثل بعض المؤشرات لتنامي أهمية الإبل العالمية وتعدد استخداماتها وفوائدها.
لحوم الإبل:
أجرى بيالة وآخرون (1988) دراسة شملت الزيادة اليومية للوزن في مقارنة بين الإبل والأبقار والأغنام للأعمار 2-14شهراً ووجدت الدراسة أن نسبة الزيادة اليومية بالكيلو جرام بلغت 0.72 للإبل 0.55 للأبقار و0.15 للأغنام و تفوقت الإبل بما يؤكد إمكانية الحصول على مردود أحسن وبتكلفة أقل خاصة في المناطق الجافة وشبه الجافةوالتي تصعب تربية الأبقار فيها.
في دراسة للمطيري والهاشمي (1986) حول معدلات نمو الإبل تحت ظروف التغذية والرعاية الجيدة أثبتت إن الإبل وجدوها تنمو بمعدلات عالية إذ وزنت الذكور في عمر 6أشهر حوالي 200كيلو جراماً ما يعادل 20% - 25% من الوزن الكلي للإبل البالغة وعند عمر سنتين وزنت 318كيلوجراماً ما يعادل 35-40% و550كيلو جراماً ما يعادل 40-60% عند عمر 3سنوات، وللإناث كانت معدلات الزيادة الوزنية في عمر 6أشهر 191كيلوجراماً و 260كيلو جراماً في عمر سنة و710كيلو جراماً عند البلوغ في 3.5-4 سنوات وأشارت الدراسة إلى أن حجم الأم من العوامل المؤثرة في سرعة النمو وزيادة الوزن.
يلاحظ أن هناك تبايناً في المعلومات بين البحوث التي أجريت لدراسة تركيب لحم الإبل وربما يعزى ذلك لاختلاف السلالات ودرجة التسمين وحجم الأم وغيرها من العوامل (زائد وآخرون1991) إلا إن التركيب الكيمائي للحم الإبل لا يختلف كثيراً عن لحوم الحيوانات المزرعية الأخرى خاصة الأبقار (الموسوي 1995).
وتذبح القعدان في عمر 1-3 سنوات حيث تكون اللحوم أكثر طراوة وتتناقص مع تقدم العمر وينصح زائد وآخرون (1991) بذبح القعدان في أعمار ما بين 4-6 أشهر إلى سنة خاصة وقد أثبتت عدة دراسات إن لحوم الإبل الصغيرة تتشابه تماماً مع لحوم الأبقار في جودة الطعم وحسن صفات القوام، وأورد العاني (1997) أن نسبة التصافي في لحوم الإبل في عمر سنة تكون أكثر مما في السنوات التالية وان نسبة التصافي في الإناث أقل مما هي في الذكور بسبب اختلاف الحجم وتسهم التغذية على الأعلاف المركزة في رفع نسبة التصافي.والإبل كبيرة العمر لحومها خشنة ويمكن استعمالها كلحوم مفرومة ويمكن تصنيعها كمنتجات لحوم كالبسطرمة والمارتديلا والبيرقير وغيرها.
الاهتمام العلمي بتنمية الإبل السودانية:
نورد بعض دون حصر الاهتمامات العلمية لتنمية الإبل السودانية وإدخال نظام المزارع الرعوية.
1979 عقد أول مؤتمر عالمي للإبل بالخرطوم.
1980 أقامت المنظمة العربية للتنمية الزراعية ورشة عمل علمية عن الإبل في الوطن العربي - الخرطوم.
1987 أقيم أول مركز لبحوث الإبل بمدينة الشواك "ولاية القضارف" بالتعاون مع جامعة الخرطوم وبعض المؤسسات الألمانية والفرنسية في إطار تطوير بحوث الإبل في بيئتها.
1992-1993:تكونت لجنة تطوير وتنمية الإبل ثم مجلس بحوث وتنمية الإبل تحت وكالة الثروة الحيوانية - وزارة الزراعة والموارد الطبيعية وقد أعد المجلس أعلاه دراسة وثيقة مركز بحوث الشواك (شرق السودان) ومركز بحوث الإبل (الرهد) غرب السودان، ومركز بحوث الإبل بأم شديدة (شمال السودان) ومركز بحوث الإبل تمبول (وسط السودان) كما أعد العديد من الدراسات حول إنتاج وتصدير الإبل وعن أمراض الإبل المهمة وأعد مسودة فيلم وثائقي (فيديو) عن تربية الإبل في منطقة البطانة وخاطبت لجنة الإرشاد والتدريب بالمجلس العديد من المؤسسات ذات الصلة بإمدادها بأي مادة توثيقية أو علمية عن الإبل تساعد في تقوية المادة الإرشادية (خطاب رقم و ز م ط ث ح /50 /ي /2 بتاريخ 11/ 12/ 1993) ملحق في ذيل الدراسة.
1993: عقدت ورشة عمل المزارع الرعوية، واللجنة العلمية بوكالة الثروة الحيوانية وبنك الثروة الحيوانية الخرطوم فبراير 1993.
1993:عقد سمنار المزارع الرعوية - واد مدني - يوليو 1993.
1994: عقد مؤتمر رعاة السودان - كسلا - 29-31/يناير 1994.
1995: عقد مؤتمر الرعاة - كوستي - 1995.
1997: عقد سمنار واقع بحوث وإنتاج الإبل في السودان-أكساد المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة)-الاتحاد العام للأطباء البيطريين 4-5يناير1997 الخرطوم.
1999: بدا برنامج بعثة - أكساد - والمنظمة العربية للتنمية الزراعية..
2001: أقيمت ورشة عمل إقلاع المرحلة الثانية واجتماع اللجنة التوجيهية - شبكة بحوث وتطور الإبل - وزارة الثروة الحيوانية- المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة - الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (ايفاد) 6-11 يناير 2001.
المزارع الرعوية عالمياً:
تعني المزرعة الرعوية إدخال تقنيات حديثة في الإنتاج الحيواني وما يتبع ذلك من معالجات علفية وإدخال نوعيات جديدة أكثر قيمة غذائيا وعليه فالمزرعة الرعوية هي نمط حديث للإنتاج الحيواني يتميز بحيازة مساحة محددة من الأرض تخصص أساساً للإنتاج الحيواني في إطار قانون يحدد الحيازة والملكية للأرض والاستخدامات داخل هذه الأرض، بما في ذلك الحيوان وأدوات الإنتاج الأخرى فالمزرعة الرعوية بهذا المعنى العام هي نمط من أنماط استخدامات الأرض إما عن طريق ادارة وملكية الدولة أي القطاع العام أو القطاع الخاص كما ويمكن إقامة مزرعة رعوية تستند على ملكية وإدارة المجتمع المحلي والأهلي Local Communities (يس وآخرون 1993).
النمط الأمريكي (الولايات المتحدة الأمريكية): توجد ثلاثة أنماط للمزارع الرعوية:
(أ) يقوم المنتج بشراء العجول في عمر الفطام أو عمر سنة ويحفظها لموسم واحد - الربيع- أو أكثر ويربيها على المرعي ثم يبيعها للذبح (Steer Ranches).
(ب) يعتمد على قطيع تربية للأبقار لإنتاج العجول الصغيرة ((Vealers وبيعها كعجول تغذية ويسمى هذا النظام Cow and calf Ranches.
(ج) النمط الثالث يعتمد على العجولCalves التي تحفظ لأكثر من سنة Steers)) والعجلات (Heifers) وثيران الطلوقة المبعدة والأبقار الكبيرة التي يتم بيعها للذبح أو تسمن لاستكمال تسمينها ويسمى هذا النمط (Mixed – herd ranches).
أمريكا اللاتينية: يعتمد على النمط (Cow and calf Ranches). لإنتاج العجول للتربية لوزن 400 - 500 كجم وتوجد بها مزارع رعوية ضخمة 20000-25000 رأس للمزرعة.
استراليا: تعتمد المزارع الرعوية على التربية والتسمين حتى الذبح على المراعي الطبيعية وتنقسم الى:
(أ) تربية العجول الصغيرة (Vealers) وتسمينها.
(ب) تربية الحيوانات الكبيرة وتسمينها..
(ج) التربية وإنتاج العجول للبيع للتسمين .
(د) شراء العجول وتسمينها.
وتعرف نظم التسمين في استراليا على التربية والتسمين بـ ( Breed Vealers”– Breed Fats).
إفـــريقــيا: هنالك نوعان من نظم الإنتاج حديث وتقليدي وطني بجانب نظم متدرجة بين هذين النوعين ويتركز الإنتاج بالنظم الرعوية الحديثة في الأماكن التي تسمح فيها المكونات الطبيعية بالإنتاج المكثف ويسود الإنتاج الرعوي التقليدي النمط الغالب في إفريقيا.
ورغم انه يمكن إنتاج وتربية معظم أنواع الحيوانات في المزارع الرعوية إلا أن الأبقار والضأن هي أكثر الحيوانات ارتباطاً بتجربة المزارع الرعوية في كل من استراليا والولايات المتحدة الأمريكية والأرجنتين والبرازيل وكندا ودول أخرى من أمريكا اللاتينية أما في القارة الإفريقية فقد أقيمت المزارع الرعوية بصورة مكثفة في كل من جنوب إفريقيا وبتسوانا وزمبابوي.
وكذلك في إطار الواقع في السودان فإن الأبقار والضأن هي الأكثر تجربة في المزارع الرعوية غير أنه يمكن إقامة مزارع رعوية للإبل وحينها سيكون السودان الدولة الرائدة في مجال المزارع الرعوية للإبل فالعوامل البيئية والطبيعية تشجع هذه التجربة الرائدة فيه.
عدد القراءات: 473
الكاتب: اعداد أسامة الشيخ يس من قبل d.mohammedabedallah
المصدر: d.mohammedabedallah@facebook.com