عز الدين أحمد حسن سليني
الأدب الشعبى في السودان - الجزء الرابع
كيف ننهض بفنونا الشعبية

هذا سؤال ينبغي أن يوجه أولا الي الباحثين في هذا اللون الشعبي عندنا في السودان،لأن هذا الفن يعد من الفنون الحديثة، ليس في السودان فحسب بل في معظم الدول النامية. أن مسئولية الباحثين في الفنون الشعبية يجب أن تتركز في الناحية الدعائية لهذا الفن، حتي ينتقل من التلقائية الي المنهج العلمي التجريبي الحديث، فنستفيد من تجارب الذين سبقونا في هذا الضمار، أن فكرة النهوض بالفنون الشعبية لا تزال الي الآن عبارة عن مجهودات فردية يقوم بها بعض المتخصصين والهواء، لا تجمعهم رابطة، أو مركز علمي يقوم بتنظيم هذه المجهودات الفردية، ويبرزها في طابع قومي منسق.

فنحن بلا شك نملك الماده الخام من التراث الشعبي الأصيل،كالرقصات، والأغاني، والموسيقي الشعبية، واكبر دليل علي ذلك نجاح برامج فرق الفنون الشعبية التي تقوم بعرضها في المسرح القومي بام درمان في المناسبات الوطنية وغيرها ولكن الشئ الذي ينقصنا هو صهر هذه الفرق في بوتقه واحدة وتنظيم البحوث التي تعكس اصالة تراثنا الشعبي، وبالطبع هذا لايتم الا بعد أن نجتاز مراحل طويلة حتي نصل إليغايتنا المنشوده، وهنا توجد بعض المقترحات التي آمل أن تجد اذنا صاغية من جانب المسؤلين ، وقصدي من هذه المقترحات هو الاهتمام بتراثنا الشعبي اذلي يعبر عن حياتنا، أصدق تعبير.


1- انشاء كرسي للأدب الشعبي في جامعة الخرطوم.
2- انشاء مركز للفنون الشعبية تتبناه الدوله.
3- انصهار فرق الفنون الشعبية في بوتقه واحدة حتي تتمكن من ابراز نشاطها في قالب جماعي يتسم بالدقة والعمق.
4- إقامة المتاحف والمعارض للفنون الشعبية.
5- إرسال البعوث الي الخارج للتخصص في علم الفو لكلور.
6- تشجيع الباحثين علي تقديم رسالات جامعية ودراسات في تراثنا الشعبي.


وطريقة المجتمع
لقد تبين لنا مما سبق أهمية الأدب الشعبي، وأن بلادنا غنية بالمأثورات الشعبية، من شعر ، ورسم؛ وموسيقي ورقص.


كل هذه الفنون الخام في حاجة إلي جمع وتبويب، في صدق وأمانة وطريقة الجمع والتبويب يمكن أن تتم بوسلتين، أولا الجامع المدرب الذي يكون له إلمام تام بتاريخ السودان وجغرافيته، ويكون علي قدر كبير من فهم العادات والتقاليد، واللجهات العامية السودانية ، فيأخذ النماذج من أفواه قائليها ، ويستحسن أن يأخذها أثناء مناسبتها.

ثانيا ينبغي لجامع الفنون الشعبية أن يكون نشطا، ويتمتع بحاسة فنية حتي يتذوق الفنون الشعبية الأصلية، فالباحث في هذا اللون يحتاج إلي لباقة حتي يستطيع أن يتجاوب مع الذين يحملون هذه الذخائر في صدورهم ، فيحمل معه آلات التصوير ، والتسجيل اللازمة.

وأحدث طريقة لجمع النماذج الشعبية هي طريقة البطاقات، وأهم البيانات اللازمة هي اسم الرواية، أو الفنان ، وعمره ، ومكان ميلاده، وهل هو من أبناء القرية، وهل هو فنان محترف ، ثم طريقة الآداء، والحركات، ونبرات الصوت إليغير ذلك من الأسئلة التي تعطي فكرة عامة للباحثين . وحبذا لو كونت جمعيات من المتهمين بالفنون الشعبية لجمع المأثورات وتبويبها حتىيكون العمل جماعيا، فمثلا يمكن أن يتخصص الأعضاء الملاحم البطولية، وشعبة الأغاني والرقصات الشعبية، إلي غير ذلك من الألوان الشعبية الأخري ، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة دراسة هذه المواد الخام، واستنباط الاتجاهات التاريخية، والظواهر النفسية ، والأفكار والمثل التي تعكس نفسية الشعب السوداني في صدق وأمان

ختاما أ كرر إن تاريخنا الحقيقي يمكن في تراثنا الشعبي، وإن التراث الشعبي هو الخيط الذهبي الذي يربط ماضينا بحاضرنا وإن تراثنا الشعبي لا يزال كنوزا تغطيها الرماد، فالقبل إذن علي جمعه وتويبه ، لأن الأمم تقاس بتاريخها، وتراثها الفكري، وتاريخنا بلا شك يمكن في فنونا الشعبية .










المؤلف في سطور

· عز الدين أحمد حسن سليني
· من مواليد سنة 1939 بمدينة أم درمان
· نال الشهادة الثانوية من معهد أم درمان العلمي وعمل مدرسا بالمدارس الوسطي.
· هجر التدريس وسافر إلي مصر لمواصلة دراساته العليا فالتحقق بكلية اصول الدين شعبة فلسفة.
· نال دبلوما في الصحافة .
· يزاول نشاطه الأدبي منذ أن كان طالبا بالثانوي حيث قدم باكورة إنتاجه " من روائع أدبنا الشعبي " سنة 1958م
· وبعد أن جاء إلي مصر واصل نشاطه عبر الأثير بإذاعة الجمهورية العربية المتحدة فسجل دراسات قيمة وضئية اللمحات عن الفولكور السوداني في ركن السوان والبرنامج الثاني
· من أعضاء رابطة الأدباء السودانيين بالقاهرة
وقد كتب كثيرا عن القضايا الأدبية ولقلة الصاعد دور كبير في دراسة الأدب الشعبي علي صفحات صحافتنا السواد نية .

ولا يزال يواصل كفاحة مؤمنا بقضية الحرف الهادف والكلمة البناءة ودورها الفعال في دعم أدبنا السوداني الذي يستمد أصالته من واقعنا وتراثنا وتنبثق موضوعيته من ماضينا في بساطته وعفويتها الممتلئة المعبرة فيصدق وحرارة عن معاناه الكلمة في إطارها الشعبي.

- اهتمامه بقضية الأدب الشعبي في السودان يدفعه لدراسته المستفيضة المركزة ولا سيما وإن المكتبة السودانية تعاني نقصا ملموسا في هذا الجانب ومؤلفه هذا يسلط الأضواء علي مساير الفلولكور السوداني فيقرب الأبعاد ويعمق خيط الضوء المتجدد في حتمية صلتنا بدراسة أدبنا الشعبي ويعكس في دراسة واعية الإلمامات المهضومة واللمسات المشرفة التي أجال في لولبياتها عدسة البحث التكنيكية المجسمة اللاقطة فسطح الركامات الصدئة معربا رواء الخلفيات المنغومة وطفولتها التعبيرية العضوية المستعذبة وظلال المناخات الشائقة في أعالي ومنحدارت التراث الشعبي المتداول .