ضوْءٌ في آخر النّفق

آمنْتُ بالحُبِّ ترياقاً لِذي دَنَفٍ
مُذْ عشّـشَ الوجْدُ بين الجَفْنِ والحَدقِ

لمّا رشفْتُ قُطيراتٍ على ظمَإٍ
غدَوتُ ليثاً يخافُ الأسْدُ من حَنَقي

لاتحزنَنَّ على العُشّاقِ إن غرقوا
ماأجْملَ الغوْصَ في بحْرٍ مِنَ الومَقِ

مَنْ داعب الحُـبُّ قبْلَ النّومِ مُقْلتَه
لن يَهدأ الرِّمشُ في نومٍ ولا أرَقِ

ألحُبُّ ينفحُه الرّحمانُ في دمِنا
كنفحةِ العِطرِ فِي الأزهارِ والحَبَقِ

يازهرةَ الغارِ .. كم رقّتْ لِناظرِها
كسُورةِ الحمْد والإخلاص والفلَقِ

يالائمي في الهوى ما زلْتَ تحسبُني
غُصناً تيبّسَ مِنْ هَيْمٍ ومن مَلَقِ

لو ذُقْتَ شَهدَ اللمى مِنْ غادةٍ نضِجَتْ
لماعذلْتَ . ولكنْ قَـــطُّ لم تـــذُقِ

كمْ مرّةٍ ..ساءلتني طِفلتي .وأنا
بين المعاجمِ والأقلامِ فِي الغسَقِ:

لِمَ الكِتابةُ والأشْعارُ يا أبتي ؟!
حتَّى"السُّنونو"سلا تَرْتيلةَ الشّفقِ

تلك البلابلُ لم يصدحْنَ في زمني
شحرورةُ الدّوْحِ نامتْ قَطُّ لم تفِقِ

أما ترى نَجمة الصّبح البهيِّ ونتْ؟
وطلّةَ الليثِ مِثْل الشّاِدنِ الخــرِقِ!

أما ترى غُصَّةَ النّحْلاتِ يا أبتي ؟
أما ترى تُخْمَةَ الذُّؤبانِ والعلَقِ ؟؟

منْ نِصْفِ عَــقْدٍ يعيثُ الوحشُ في وطني
صلْباً،وحرْقاً لمنْ فِي الحقلِ والطّرقِ

إني أخافُ عليكَ اليومَ ياأبتـــي
مِنَ الصديقِ ، وكيدِ الثّعلبِ الحَذِقِ

ما أقْلقَ الذّبْحَ جزّارٌ ولا ارْتعشَتْ
يداهُ عِنْدَ فِـراقِ الرّأْسِ للْعُـــــنُـقِ
*
بُنيّتي...لن أخافَ الرّيحَ إنْ عصفتْ
ألصّبْرُمِنْ شِيَمي ،والعزمُ في عَلَقي

مرَّ التّتارُ علَى" الزّوْراءِ" كم حرَقوا
فاُحْرِقوا في لظَى القِرطاسِ والورقِ

ألا ترَيْنَ عُلوجَ البغْيِ قد غرِقوا
مَنْ رامَ دِجـلةَ لم يسْــلمْ مِنَ الغرقِ

لاتيْأسي.. فحقولُ الكرْمِ وارِفةٌ
والكاْسُ تُطفئُ ما في القلبِ منْ حُرَقِ

لاتجْزعي ياابْنتي مِنْ لُجّةٍ حَلَكَتْ
إني لألمحُ ضوءاً آخِر النّـــفــــقِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
8/2007
من مجموعة ( غرام الذئاب)
(للشاعر : غسان علي حسن)